الثعلب والبعوض
الثعلب والغراب
الحصان والصياد والأيل
الرجل والإله الخشبي
الأسد المريض
طائر السنونو ورفاقه
مخ الحمار
تمخض الجبل
الأصلع والذبابة
الثعلب وطائر اللقلق
الذئب والكركي
الديك واللؤلؤة
الكلب والظل
المربية والذئب
الإوزة ذات البيض الذهبي
هرقل وسائق العربة
الأسد والتمثال
الرجل وزوجتاه
السلحفاة والطائران
النسر والسهم
الرجل والثعبان
الأسد والفأر
الأرانب البرية والضفادع
الأسد والثعلب والحيوانات
الثعلب والقناع
الضفدع والثور
الذئب والطفل الصغير
أندروكليس
الثعلب والعنب
الخفاش بين الطيور والحيوانات
الأيل والصياد
الثعبان والمبرد
الرجل والغابة
الكلب والذئب
الطاووس وجونو
الثعلب والأسد
الشجرة والبوصة
الثعلب والقطة
الكلب والمذود
صياد السمك
صبي الراعي
السرطان الصغير وأمه
الحمار في جلد الأسد
الرفيقان والدب
الجرتان
الصياد والسمك الصغير
الطماع والحسود
الريح والشمس
البخيل وذهبه
الظبية العوراء
تعليق الجرس في عنق القطة
العجوز والموت
الأسد في حالة حب
حزمة العصي
الفتاة القطة
الحصان والحمار
عازف البوق أسيرا
المهرج والقروي
العجوز وجرة النبيذ
الثعلب والماعزة
الثعلب والبعوض
الثعلب والغراب
الحصان والصياد والأيل
الرجل والإله الخشبي
الأسد المريض
طائر السنونو ورفاقه
مخ الحمار
تمخض الجبل
الأصلع والذبابة
الثعلب وطائر اللقلق
الذئب والكركي
الديك واللؤلؤة
الكلب والظل
المربية والذئب
الإوزة ذات البيض الذهبي
هرقل وسائق العربة
الأسد والتمثال
الرجل وزوجتاه
السلحفاة والطائران
النسر والسهم
الرجل والثعبان
الأسد والفأر
الأرانب البرية والضفادع
الأسد والثعلب والحيوانات
الثعلب والقناع
الضفدع والثور
الذئب والطفل الصغير
أندروكليس
الثعلب والعنب
الخفاش بين الطيور والحيوانات
الأيل والصياد
الثعبان والمبرد
الرجل والغابة
الكلب والذئب
الطاووس وجونو
الثعلب والأسد
الشجرة والبوصة
الثعلب والقطة
الكلب والمذود
صياد السمك
صبي الراعي
السرطان الصغير وأمه
الحمار في جلد الأسد
الرفيقان والدب
الجرتان
الصياد والسمك الصغير
الطماع والحسود
الريح والشمس
البخيل وذهبه
الظبية العوراء
تعليق الجرس في عنق القطة
العجوز والموت
الأسد في حالة حب
حزمة العصي
الفتاة القطة
الحصان والحمار
عازف البوق أسيرا
المهرج والقروي
العجوز وجرة النبيذ
الثعلب والماعزة
حكايات إيسوب
حكايات إيسوب
ترجمة
عادل مصطفى
إلى ابنتي:
لينا، ونادين.
الثعلب والبعوض
بعد أن عبر الثعلب النهر اشتبك ذيله في أجمة
1
كثيفة الأغصان، فلم يستطع حراكا.
2
شهد عدد من البعوض ورطة الثعلب، فحط عليه يمتص دمه ويتمتع بوجبة جيدة دون أن يؤرقه بذيله. وكان هناك قنفذ يتجول عن قرب فرثى لحال الثعلب، وأقبل عليه وقال له: «إنك في وضع سيئ أيها الجار، هل تود أن أساعدك بأن أطرد عنك هذا البعوض الذي يمص دمك؟» فقال الثعلب: «شكرا لك يا سيد قنفذ، ولكني لا أحبذ
3
ذلك.» فسأله القنفذ: «عجبا! كيف ذاك؟!»
فما كان جوابه إلا أن قال: «حسن، انظر، هذا البعوض قد أخذ كفايته، فإذا طردته بعيدا فسوف يجيء بعوض آخر ذو شهية جديدة فيدميني
4
حتى الموت.»
الثعلب والغراب
رأى الثعلب غرابا يرفرف مصعدا
1
وفي منقاره قطعة من الجبن، ثم يحط على غصن شجرة، فحدث السيد ثعلب نفسه قائلا: «لست ثعلبا إن لم أظفر
2
بهذا الجبن.» ومشى حتى بلغ أسفل الشجرة، ونادى قائلا: «صباح الخير يا سيد غراب، ما أجملك اليوم! وما أجمل رفيف ريشك وبريق عينك! إن كلي ثقة أن صوتك لا بد أن يكون أحلى من صوت سواك من الطيور، تماما مثلما أن صورتك أجمل من صورها. أسمعني ولو أغنية واحدة منك؛ حتى أحييك كملك للطيور.» هنا رفع الغراب عقيرته
3
وبدأ ينعق جهد استطاعته.
4
غير أنه في اللحظة التي فتح فيها فمه هوت
5
قطعة الجبن إلى الأرض، فتلقفها الثعلب من فوره وازدردها
6
قائلا: «ذلك ما كنت أبغي،
7
ولا أكثر من ذلك، وفي مقابل جبنتك سأسدي إليك نصيحة
8
تنفعك في مقبل الأيام: «لا تول الثقة بكل متملق
9
مداهن».»
10
الحصان والصياد والأيل
نشب عراك بين الحصان والأيل، فأقبل الحصان إلى أحد الصيادين؛ ليطلب عونه حتى يثأر من الأيل، وافق الصياد على طلب الحصان، ولكنه قال: «إذا أردت أن تقهر الأيل فاسمح لي بأن أضع هذه القطعة من الحديد بين فكيك؛ كي ما أقودك بهذا العنان، واسمح لي بأن أضع هذا السرج على ظهرك؛ كي ما أبقى ثابتا عليك ونحن نطارد العدو.»
رضي الحصان بالشروط. فما لبث الصياد أن أسرجه وألجمه، عندئذ، وبمعونة الصياد، هزم الحصان الأيل في الحال، ثم قال للصياد: «الآن انزل وانزع تلك الأشياء من فمي وظهري.» فقال الصياد: «ليس بهذه السرعة يا صديقي. لقد جعلتك الآن تحت الشكيمة
1
والمهماز،
2
وأفضل أن تبقى كما أنت في الوقت الحالي.» ••• «إذا تركت للناس أن يستعملوك لأغراضك أنت، فسوف يأتي اليوم الذي يستعملونك فيه لأغراضهم هم.»
الرجل والإله الخشبي
في قديم الزمان كان الناس يعبدون الأصنام والأحجار والأوثان، ويصلون لها؛ لكي تمنحهم الحظ. وقد حدث أن رجلا كان يصلي كثيرا لوثن
1
خشبي ورثه عن والده، غير أن حظه لم يبد عليه أي تغيير، صلى الرجل وصلى، ولكنه ظل سيئ الحظ كما كان دائما.
وذات يوم استبد به غضب
2
شديد فأقبل على الإله الخشبي، وبضربة واحدة طرحه أرضا من قاعدته، فانفلق الإله نصفين. فماذا رأى؟ عددا هائلا من الدنانير تتطاير هنا وهناك في طول المكان وعرضه.
الأسد المريض
وافى الأسد أجله
1
فانهار في مدخل غاره
2
ينتظر الموت ويلفظ أنفاسه. فاجتمع حوله رعاياه من الحيوانات، وجعل كل منهم يقترب، ويتمادى في الاقتراب كلما تمادى الأسد في العجز والضعف. وعندما تبين لهم أنه في قبضة الموت قالوا لأنفسهم: «لقد حان الوقت الذي نأخذ فيه ثأرنا القديم.» فتقدم الخنزير البري وأنشب فيه أنيابه، ثم اندفع الثور وأدماه بقرنيه، والأسد بين ذلك هامد لا يبدي مقاومة؛ لذا تقدم الحمار وهو آمن تماما من الخطر وأدار ذيله إلى الأسد ورفسه بعقبيه في وجهه.
تأوه الأسد: «هذا موت مضاعف.»
3 ••• «وحدهم الجبناء من يقدمون على إهانة جلالة محتضرة.»
4
طائر السنونو ورفاقه
كان مزارع ينثر بعض بذور القنب
1
في الحقل، حيث كان طائر السنونو وبعض الطيور الأخرى يثبون هنا وهناك ويلتقطون طعامهم. قال طائر السنونو لرفاقه من الطيور: «احذروا هذا الرجل.» قالوا: «لماذا نحذره؟ ماذا هو فاعل؟» قال: «إنه بذر القنب هذا الذي ينثره، تأكدوا من التقاط كل حبة منه، وإلا فسوف تندمون.»
لم تأبه
2
الطيور لقول طائر السنونو. وشيئا فشيئا نما القنب وجدلت منه حبال، ومن الحبال نسجت شباك، وفي الشباك وقع كثير من الطيور التي استخفت بنصيحة طائر السنونو، في الشباك التي نسجت من ذلك القنب نفسه. ••• «اسحق بذرة الشر؛ فإنها وشيكة أن تنمو ويكون فيها هلاكك.»
مخ الحمار
ذهب الأسد والثعلب للصيد معا. أرسل الأسد، عملا بنصيحة الثعلب، رسالة إلى الحمار يقترح عليه عقد تحالف بين عائلتيهما، فأقبل الحمار إلى مكان الاجتماع وكله ابتهاج ببشائر تحالف ملكي، غير أنه عندما حضر لم يكن من الأسد إلا أن انقض عليه وافترسه، ثم قال للثعلب: «ها هو غداؤنا لهذا اليوم. قم أنت بالحراسة حتى أذهب لأنال قسطا من النوم. والويل لك إذا لمست فريستي.» انصرف الأسد وظل الثعلب، غير أنه إذ وجد سيده قد تأخر غامر بإخراج مخ الحمار والتهمه للتو.
1
وعندما رجع الأسد لاحظ من فوره غياب المخ، فسأل الثعلب بصوت رهيب: «ماذا فعلت بالمخ؟» فقال الثعلب: «مخ؟! يا صاحب الجلالة، الحمار لا مخ له، وإلا لما أمكن أن تنطلي عليه حيلتك.» ••• «لا يعدم الفطن ردا
2
حاضرا في أي وقت.»
تمخض الجبل
ذات يوم لاحظ أهل القرية أن الجبل كان في مخاض:
1
الدخان يتصاعد من قممه، والأرض تتزلزل تحت أقدامهم. وكانت أشجار تتحطم وجلاميد
2
تنهار. أيقن الناس أن شيئا رهيبا كان وشيك الوقوع.
3
تجمع الناس كلهم في مكان واحد ليروا ما عساه أن يكون هذا الشيء الرهيب. وانتظروا، وانتظروا، ولكن شيئا لم يأت. أخيرا حدث زلزال أشد عنفا وظهر صدع ضخم في جانب الجبل. فسقطوا ركعا جميعا، وانتظروا.
وأخيرا، وفي نهاية المطاف، أبرز فأر صغير جدا رأسه الضئيل وشعره الهزيل من الصدع، وهبط يجري نحوهم. من يومها اعتاد الناس أن يقولوا: «صياح كثير، نتاج قليل.»
4
الأصلع والذبابة
جلس رجل أصلع بعد أن فرغ من عمله ذات يوم حار من أيام الصيف، فجاءت ذبابة وظلت تطن
1
حول صلعته، وتخزه بين الحين والحين. سدد الرجل بجمع كفه
2
لطمة لعدوه الصغير، غير أنها أصابت رأسه بدلا من الذبابة. ثم عادت الذبابة تزعجه كرة أخرى،
3
ولكنه كان حكيما هذه المرة ، وقال في نفسه: «لن تؤذي غير نفسك، إذا أنت التفت لكل خصم حقير.»
الثعلب وطائر اللقلق
ذات مرة كان الثعلب وطائر اللقلق متحابين يتزاوران وتجمعهما صداقة حميمة؛
1
لذا دعا الثعلب صديقه اللقلق إلى الغداء، وعلى سبيل المزاح لم يضع أمامه غير بعض الحساء في طبق ضحل
2
جدا، فكان بإمكان الثعلب أن يلعق هذا الصحن بسهولة بينما لم يملك اللقلق إلا أن يبلل فيه طرف منقاره الطويل. وفرغ من الوجبة وهو على جوعه الذي بدأ به، فقال له الثعلب: «معذرة، يبدو أن الحساء لا يروقك.»
3
فقال اللقلق: «أرجوك لا تعتذر، وأن ترد لي هذه الزيارة فتأتي للغداء عندي في أقرب وقت.»
لذا فقد اتفقا على موعد يحضر فيه الثعلب لزيارة اللقلق، وعندما حان الوقت وجلسا إلى المائدة كان كل الغداء المعد لهما محصورا في وعاء له رقبة طويلة جدا، بحيث لم يتمكن الثعلب من أن يدس فيه أنفه، وكل ما أمكنه فعله هو أن يلعق الوعاء من الخارج. هنا قال اللقلق: «إنني لا أعتذر عن الغداء؛ دقة بدقة.»
الذئب والكركي
كان الذئب يلتهم حيوانا افترسه، إذ انحشرت في زوره فجأة قطعة صغيرة من العظم كانت في اللحم، ولم يتمكن من ابتلاعها، وأحس من فوره بألم رهيب في زوره، وجعل يعلو ويهبط، ويئن ويئن، ويبحث عن شيء يخفف عنه ألمه. حاول الذئب أن يحث كل من يقابله على أن ينزع قطعة العظم قائلا له: «سأمنحك أي شيء تريده إذا أنت أخرجتها.» وأخيرا وافق الكركي على أن يحاول، وطلب من الذئب أن يرقد على جنبه ويفتح فكيه كأوسع ما يستطيع، عندئذ أدخل الكركي رقبته الطويلة داخل زور الذئب، وجعل يخلص العظمة بمنقاره إلى أن تمكن في النهاية من إخراجها.
قال الكركي للذئب: «هل ستتكرم بأن تمنحني المكافأة التي وعدت بها؟»
ابتسم الذئب وكشر عن أنيابه
1
وقال: «كن قنوعا؛ لقد وضعت رأسك في فم ذئب وأخرجتها ثانية في أمان، ينبغي أن يكون ذلك مكافأة كافية لك.» ••• «العرفان والطمع لا يجتمعان.»
الديك واللؤلؤة
ذات يوم كان الديك يتبختر أعلى فناء المزرعة وأسفله بين الدجاج، إذ لمح شيئا يشع وسط القش، قال الديك: «هو هو، هذا لي.» وفي الحال انتزع هذا الشيء من تحت القش، فعن أي شيء تكشف في النهاية؟ لا شيء، مجرد لؤلؤة شاءت المصادفة أن تضيع في الفناء!
قال السيد ديك: «ربما تكونين ثروة بالنسبة للبشر الذين يقدرونك، ولكن بالنسبة لي فإن مجرد حبة قمح واحدة هي خير عندي من مكيال من اللآلئ.» ••• «إنما النفائس
1
لمن يقدرها.»
2
الكلب والظل
ذات يوم ظفر
1
كلب بقطعة من اللحم حملها في فمه، ومضى بها إلى بيته ليأكلها في أمان، وفي طريقه إلى المنزل كان عليه أن يعبر لوحا خشبيا ممتدا بعرض جدول من الماء الجاري. وبينما هو يعبر الجدول نظر إلى أسفل فرأى ظله منعكسا في الماء من تحته، ظن الكلب أن ظله هو كلب آخر يحمل قطعة أخرى من اللحم، فاعتزم
2
أن يظفر بتلك القطعة أيضا. انقض الكلب على الصورة في الماء، ولكن ما إن فتح فمه حتى هوت
3
قطعة اللحم وسقطت في الماء، ولم يعد لها أثر. ••• «احذر أن تفقد الجوهر بأن تتشبث بالظل.»
المربية والذئب
قالت المربية العجوز للطفل الجالس في حجرها: «اهدأ بعد، إذا فعلت هذه الجلبة مرة ثانية فسوف ألقي بك إلى الذئب.»
وتصادف أن ذئبا كان يمر على مقربة منهما تحت النافذة فيما هي تقول هذا القول، فربض
1
بجانب المنزل وانتظر محدثا نفسه: «إنني محظوظ هذا اليوم، من المؤكد أنه سيصيح حالا، ذاك طبق ألذ لم أتناوله منذ زمن طويل.»
انتظر الذئب وانتظر، إلى أن بدأ الطفل أخيرا في الصياح، فأقبل الذئب أمام النافذة ورنا إلى المربية وهو يهز ذيله في حبور.
2
فما كان من المربية إلا أن صكت النافذة واستغاثت، فهب كلاب المنزل ملبين. قال الذئب وهو يجد في الفرار: «آه! وعود الأعادي إلى نكث.»
3
الإوزة ذات البيض الذهبي
ذات يوم فيما كان رجل قروي يتفقد عش إوزته وجد به بيضة صفراء براقة من كل جانب. وعندما التقطها كانت ثقيلة كالرصاص. كاد الرجل يلقي بالبيضة؛ لأنه ظن أنها خدعة ناله بها أحد العابثين، غير أنه بعد إعادة النظر قرر أن يأخذها معه إلى البيت. وهناك اكتشف من فوره أنها بيضة من الذهب الخالص، ففرح وابتهج، وفي كل صباح كان يحدث الشيء نفسه. وسرعان ما أصبح الرجل غنيا من بيع بيضه الذهبي.
إلا أنه لما صار غنيا صار طماعا. وإذ فكر أن يحصل مرة واحدة على كل ما بوسع الإوزة
1
أن تعطيه من البيض الذهبي، فقد ذبح الإوزة وبقرها،
2
ولكنه لم يجد فيها شيئا. ••• «يوشك الجشع أن يطال نفسه.»
هرقل وسائق العربة
ذات يوم كان سائق عربة ينقل حمولة ثقيلة عبر طريق موحل جدا، إلى أن بلغ جزءا من الطريق غاصت فيه عجلات العربة حتى نصفها في الوحل، وكلما زادت الأحصنة في شد العربة زادت العجلات غوصا إلى أسفل؛ ولذا ألقى سائق العربة سوطه وركع على الأرض مبتهلا
1
إلى «هرقل القوي». قال الرجل: «أي هرقل، أعني في كربتي
2
هذه.»
ولكن هنا ظهر هرقل وقال: «ويحك أيها الرجل! لا تنبطح عندك. انهض وخذ العجلة إلى كتفك.» ••• «إنما الآلهة في عون من هم في عون أنفسهم.»
الأسد والتمثال
كان رجل وأسد يختصمان أيهما أقوى بصفة عامة: البشر أم الأسود. ذهب الرجل إلى أنه هو ورفاقه البشر أقوى من الأسود؛ لأنهم يحظون
1
بنصيب أوفر من الذكاء. صاح الرجل: «تعال الآن معي، وسوف أثبت لك حالا أني على حق.» فأخذه إلى الحدائق العامة وأراه تمثال هرقل وهو يقهر الأسد ويفسخ فمه شقين.
قال الأسد: «كل ذلك جميل جدا، ولكنه ليس دليلا على شيء؛ لأن الذي صنع التمثال هو واحد من البشر.» ••• «بميسورنا
2
دائما أن نصور الأشياء كما نتمنى لها أن تكون.»
الرجل وزوجتاه
في سالف الأيام، إذ كان مسموحا للرجال بزوجات كثيرات، كان هناك رجل كهل
1
لديه زوجتان؛ إحداهما عجوز، والأخرى شابة، وكانت كلتاهما تحبه حبا جما
2
وتريد له أن يكون مثلها. كان الشمط
3
يغزو شعر الرجل، وذاك أمر لم تحبذه
4
الزوجة الشابة؛ لأنه يجعله يبدو أكبر من أن يكون زوجا لها؛ ولذا فقد دأبت
5
أن تمشط شعره وتلتقط عنه الشعرات البيضاء.
غير أن الزوجة الكبيرة كانت تنظر إلى شمط زوجها باغتباط
6
عظيم؛ لأنها لم تكن تحب أن تبدو كأنها أمه؛ ولذا فقد دأبت أن تمشط شعره كل صباح وتلتقط عنه كل ما تستطيع التقاطه من الشعرات السوداء.
وكانت النتيجة أن الرجل سرعان ما وجد نفسه أصلع تماما. ••• «يوشك من يتنازل للجميع ألا يعود لديه شيء يتنازل عنه.»
السلحفاة والطائران
أرادت سلحفاة أن تغير مكان إقامتها، فطلبت من النسر أن يحملها إلى بيت جديد، واعدة إياه بمكافأة كبيرة على جهده. وافق النسر وحلق عاليا وهو قابض عليها من درقتها، وفي طريقهما قابلا غرابا، فقال الغراب للنسر: «السلاحف طعام جيد.» فرد عليه النسر: «الدرقة صلبة جدا.» فأجاب الغراب: «الصخور كفيلة بأن تفلق الدرقة.»
فهم النسر اللمحة، وترك السلحفاة تسقط على صخرة حادة، وجعل الطائران من السلحفاة وجبة مشبعة. ••• «لا تحلق عاليا على جناح عدو.»
النسر والسهم
بينما كان أحد النسور يحلق في الجو إذا به يسمع فجأة أزيز
1
سهم ويحس أنه أصيب بجرح قاتل. تردى
2
النسر رويدا
3
إلى الأرض مرفرفا ودماء الحياة تنزف منه. وحين حدق بعينه إلى السهم الذي اخترق جسده اكتشف أن قصبة السهم مريشة
4
بإحدى ريشاته.
صاح النسر وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: «كم ذا نمنح أعداءنا الوسيلة لتدميرنا!»
الرجل والثعبان
داس ابن قروي ذيل ثعبان من غير قصد، فاستدار الثعبان وعضه فمات. غضب الأب فأخذ فأسه وطارد الثعبان فقطع جزءا من ذيله؛ ولذلك بدأ الثعبان يلدغ العديد من ماشية الفلاح انتقاما منه، وألحق به خسائر فادحة. رأى الفلاح أن من الأفضل أن يعقد تسوية سلمية مع الثعبان، فأحضر إلى مخبئه طعاما وعسلا وقال له: «دعنا ننس ونصفح؛ ربما كنت على حق في أن تعاقب ولدي وتنتقم مني في ماشيتي، غير أني كنت على حق بالتأكيد حين حاولت أن أثأر له. أما وقد أصبح كلانا راضيا فلماذا لا نتصافى مرة ثانية؟»
قال الثعبان : «لا، لا، خذ هداياك؛ أنت لا تستطيع أبدا أن تنسى موت ولدك، ولا أنا بمستطيع أن أنسى فقدان ذيلي.» ••• «قد تغتفر الإساءات، ولكنها لا تنسى.»
الأسد والفأر
كان الأسد نائما ذات يوم إذ أخذ فأر صغير يجري عليه صاعدا وهابطا، الأمر الذي أيقظ الأسد في الحال، فوضع عليه كفه الضخم وفتح فكيه العظيمين ليلتهمه. صاح الفأر الصغير: «عفوا أيها الملك، سامحني هذه المرة، ولن أنسى إحسانك؛ من يدري لعل بإمكاني أن أرد لك معروفك يوما ما!» اهتز الأسد لفكرة أن يكون بإمكان الفأر أن يساعده، حتى أنه رفع كفه عنه وتركه يمضي.
ومرت الأيام، ووقع الأسد في شرك، وربطه الصيادون، الذين أرادوا أن يحملوه حيا إلى الملك، إلى الشجرة، بينما ذهبوا يبحثون عن عربة يحملونه عليها، في هذه اللحظة تصادف أن يمر الفأر الصغير ويرى المأزق المؤسف الذي ألم
1
بالأسد، فهرع إليه،
2
وما عتم
3
أن قرض الحبال التي ربط بها ملك الحيوانات، وقال له: «ألم أصدقك القول؟!»
4 ••• «الأصدقاء الصغار قد يثبت أنهم أصدقاء عظام.»
الأرانب البرية والضفادع
كانت الأرانب مضطهدة من قبل الحيوانات الأخرى، ولم تكن تعرف أين تذهب، فما تكاد ترى حيوانا واحدا يقترب منها حتى كانت تمعن في الفرار،
1
وذات يوم رأت الأرانب حشدا كبيرا من الأحصنة البرية في فرار جماعي وقد شتتها الفزع في كل صوب،
2
وفي ذعر بالغ أخذت الأرانب تعدو إلى بحيرة قريبة، وقد عقدت العزم على أن تغرق نفسها فلا تعيش في مثل هذه الحال من الخوف الدائم، ولكن ما إن اقتربت الأرانب من ضفة البحيرة حتى كان فصيل كبير من الضفادع التي روعت
3
بدورها من اقتراب الأرانب قد أخذت تجد في العدو وتقفز في الماء، هنا قال أحد الأرانب: «حقا، إن الأمور ليست من السوء كما تبدو.» ••• «هناك دائما من هو في حال أسوأ من حالك.»
الأسد والثعلب والحيوانات
ذات يوم صرح الأسد بأنه على فراش الموت، ودعا الحيوانات لكي تأتي إليه وتسمع وصيته الأخيرة؛ لذا فقد أقبلت المعزاة إلى كهف الأسد حيث مكثت هناك تستمع زمنا طويلا، عندئذ دخلت نعجة، وقبل أن تخرج أقبل عجل لكي يتلقى الوصايا الأخيرة لملك الحيوانات.
ولكن سرعان ما بدا أن الأسد قد تعافى، وذهب إلى مدخل كهفه، فرأى الثعلب الذي بقي منتظرا بالخارج بعض الوقت، قال الأسد للثعلب: «لماذا لا تأتي لتقدم لي فروض التحية؟» فقال الثعلب: «معذرة جلالتك! ولكني لاحظت آثار أقدام الحيوانات التي دخلت إليك لتوها، وبينما أرى آثار حوافر كثيرة داخلة فإنني لا أرى أثرا خارجا، فإلى أن تخرج ثانية تلك الحيوانات التي دخلت كهفك فإنني أفضل أن أبقى في الهواء الطلق.» ••• «من السهل أن تدخل في شراك
1
العدو، ولكن من الصعب أن تخرج منها.»
الثعلب والقناع
كان هناك ثعلب قادته خطاه إلى مخزن أحد المسارح، فوجئ الثعلب بوجه يحملق إليه فتملكه الرعب الشديد، غير أنه حين دقق النظر إلى ذلك الوجه وجده مجرد قناع من تلك الأقنعة التي يضعها الممثلون على وجوههم، عندئذ قال الثعلب: «ما أجملك أيها القناع! وإنه لمما يدعو للأسف أنك لم تحظ بأي عقل.» ••• «المظهر لا يغني عن المخبر.»
الضفدع والثور
قال الضفدع الصغير للضفدع الكبير الجاثم على حافة البركة: «آه يا أبي! لقد رأيت وحشا مرعبا! كان كبيرا كالجبل، وله قرنان على رأسه، وذيل طويل، وأظلاف مشقوقة شقين.» فقال الضفدع الكبير: «كفى يا ولدي، كفى، ذلك ثور الفلاح هوايت لا أكثر، ولا هو بهذه الضخامة. ربما يكون أطول مني بعض الشيء، ولكني أستطيع بسهولة أن أجعل نفسي في حجمه تماما. انظر.»
وأخذ الضفدع ينفخ نفسه، وينفخ، وينفخ، ثم سأل الضفدع الصغير: «هل كان الثور بهذا الحجم؟» فقال الصغير: «كلا، بل أكبر بكثير من هذا.» فعاد الضفدع الكبير ينفخ نفسه، ثم سأل الصغير: «هل كان الثور بهذا الحجم؟» فكان رد الصغير: «أكبر يا أبي، أكبر.»
هنا أخذ الضفدع نفسا عميقا ونفخ، ونفخ، ونفخ. ثم قال: «يقينا أن الثور لم يكن بهذه الضخامة.» غير أنه في هذه اللحظة، انفجر! ••• «الغرور بالنفس يوردها المهالك.»
1
الذئب والطفل الصغير
كان طفل جالسا في أعلى المنزل، وحين أطل إلى أسفل رأى ذئبا يمر تحته، وما إن رأى عدوه حتى بدأ يسبه ويحمل عليه.
1
صاح الطفل: «أيها القاتل اللص، ماذا تفعل هنا بجانب منازل الناس الأمناء؟ كيف تجرؤ على الظهور هنا حيث الجميع يعرف أفعالك الوضيعة؟»
قال الذئب: «اشتم اشتم، يا صديقي الصغير.» ••• «ما أسهل أن تكون شجاعا من مسافة آمنة!»
أندروكليس
في يوم من الأيام هرب عبد يدعى أندروكليس من سيده، وفر إلى الغابة، وفيما هو يتجول هناك فوجئ بأسد يرقد على الأرض ويئن ويتأوه. أدبر أندروكليس للفرار في بداية الأمر، غير أنه حين وجد أن الأسد لا يتعقبه استدار وسعى نحوه، ولما اقترب منه رفع له الأسد كفه وكانت متورمة جدا والدم ينزف منها. اكتشف أندروكليس أن هناك شوكة ضخمة قد استقرت فيها، وكانت وراء كل هذا الألم.
انتزع أندروكليس الشوكة وضمد قدم الأسد، فاستطاع في الحال أن ينهض، وأخذ يلعق يد أندروكليس مثلما يفعل الكلب، ثم اصطحب أندروكليس إلى كهفه وطفق يقدم له كل يوم لحما يتقوت به.
غير أنه لم يمض وقت طويل حتى وقع كل من أندروكليس والأسد في الأسر، وحكم على العبد أندروكليس بأن يلقى به إلى الأسد بعد أن يحرم هذا من الطعام أياما عديدة.
وفي اليوم المقرر حضر الإمبراطور وجميع أفراد حاشيته ليروا هذا المشهد، وسيق أندروكليس إلى وسط الحلبة، وفي الحال أطلق الأسد من عرينه، واندفع نحو فريسته واثبا يرسل زئيره، إلا أنه ما كاد يقترب من أندروكليس حتى تعرف فيه على صديقه، وأخذ يتودد إليه ويلعق يديه كأنه كلب ودود.
اندهش الإمبراطور مما حدث، فاستدعى إليه أندروكليس، فحكى له القصة بأكملها. عندئذ أعفي عن العبد وأطلق سراحه. أما الأسد فقد أطلق إلى غابته الأصلية. ••• «العرفان بالجميل شيمة النفوس النبيلة.»
الثعلب والعنب
في يوم من أيام الصيف الحارة كان الثعلب يتجول في بستان، حتى بلغ عنقودا من العنب في تمام النضج يتدلى على كرمة
1
معرشة
2
على فرع سامق،
3
فحدث نفسه قائلا: «هذا نعم الشيء الذي أروي به عطشي.» تقهقر
4
الثعلب بضع خطوات ثم ركض
5
ركضة ووثب،
6
غير أنه لم يطل العنقود، فأعاد الكرة وعد: واحد، اثنان، ثلاثة، وقفز عاليا، غير أن المحاولة لم تكن أنجح من الأولى. أعاد الثعلب المحاولة مرارا؛ ليظفر
7
باللقمة الشهية، حتى تملكه اليأس فكف عن المحاولة،
8
وانصرف بتعال وكبرياء قائلا: «لا شك عندي أنه عنب حامض.» ••• «ما أيسر أن تهون من شأن الشيء الذي استعصى عليك مناله!»
الخفاش بين الطيور والحيوانات
كادت تثور فتنة كبرى بين الطيور والحيوانات، وعندما اصطف الجيشان تردد الخفاش إلى أي جيش ينضم؛ قالت الطيور التي أباحت مقامه بينها: «تعال معنا.» ولكنه قال: «إنني من الحيوان.» وفيما بعد كانت بعض الحيوانات تمر من تحته فنظرت إلى أعلى وقالت للخفاش: «تعال معنا.» فقال لها: «إنما أنا من الطير.»
ولحسن الحظ فقد تم الصلح في اللحظة الأخيرة، ولم تنشب
1
أي معركة. هنا ذهب الخفاش إلى الطيور وأراد أن يشاركها أفراحها، ولكن الطيور جميعا انقلبت عليه وأرغمته على أن يطير بعيدا، عندئذ ذهب إلى الحيوانات، ولكنه اضطر إلى الانسحاب وإلا مزقته إربا إربا.
2
قال الخفاش: «الآن أدركت: من لم يكن هذا الشيء، ولا ذاك، فلا صديق له.»
الأيل والصياد
ذات يوم كان الأيل يشرب من بركة، معجبا بصورته الفخمة المرتسمة بها، فحدث نفسه قائلا: «آه! أين يمكنك أن ترى مثل هذه القرون الفخمة، بهذه الأفرع المتشعبة؟! وددت لو كانت لي أرجل أكثر وجاهة لكي تحمل مثل هذا التاج المهيب. كم من المؤسف أنها نحيلة وهزيلة بهذا الشكل!»
في هذه اللحظة أقبل صياد وصوب سهما جعل يصفر في إثره.
1
وثب الأيل مبتعدا، وفي الحال وبمعونة أرجله الرشيقة كان قد اختفى تقريبا عن أعين الصياد، إلا أنه لغفلته عن المكان الذي كان ذاهبا إليه، فقد مر تحت بعض أشجار غصونها نابتة إلى أسفل، فعلقت بها قرونه المتفرعة؛ ومن ثم أتاحت للصياد أن يلحق به. صاح الأيل: «كم ذا نستهين بما هو أنفع لنا!»
الثعبان والمبرد
بينما كان الثعبان يتجول إذ دخل حانوتا
1
للأسلحة والدروع، وفيما هو ينساب على الأرض وخزه مبرد ملقى هناك، وفي ثورة من الغضب انقض الثعبان على المبرد وحاول أن ينشب فيه أنيابه، غير أنه لم يستطع أن يلحق أي ضرر بحديد ثقيل، وسرعان ما أقلع
2
عن ثورته. ••• «غير مجد
3
أن تهاجم ما لا يحس.»
الرجل والغابة
ذات يوم قدم رجل إلى الغابة وفي يده نصل فأس، وتوسل إلى الأشجار جميعا أن تعطيه فرعا صغيرا يحتاج إليه لغرض معين، كانت الأشجار كريمة فأعطته فرعا من فروعها، فما كان من الرجل إلا أن ثبته في رأس الفأس، وما لبث أن أعمله في الشجر تقطيعا شجرة بعد أخرى.
هنالك أدركت الأشجار كم كانت حمقاء حين منحت عدوها الوسيلة لتدميرها!
الكلب والذئب
كان هناك ذئب هزيل يكاد يموت من الجوع، إذ اتفق له أن يلتقي بكلب منزلي كان يمر به. قال الكلب: «مرحى يا ابن العم، إن حالك لا يخفى علي، وإن حياتك المتقلبة توشك أن تقضي عليك. لماذا لا تعمل معي بانتظام مثلما أفعل، وتجد طعاما يقدم لك بانتظام؟» قال الذئب: «ما يكون لي أن أمتنع، لو أني وجدت إلى ذلك سبيلا.» قال الكلب: «سأدبر لك ذلك بسهولة. تعال معي إلى سيدي وشاركني في عملي.»
انطلق الذئب والكلب إلى المدينة معا، وفي الطريق لاحظ الذئب أن الشعر في منطقة معينة من عنق الكلب كان واهنا شديد التلف، فسأل الكلب كيف ألم به ذلك. قال الكلب: «لا شيء، إنه المكان الذي يوضع عليه الطوق لأبقى مسلسلا بالليل. إنه مزعج بعض الشيء، ولكن سرعان ما يعتاد عليه الشخص.»
قال الذئب: «أهذا كل شيء؟ إذن مع السلامة يا سيد كلب.» ••• «أموت وأنا حر، ولا أكون عبدا سمينا.»
الطاووس وجونو
ذات يوم تقدم الطاووس بعريضة التماس إلى جونو (إلهة السماء عند الرومان) يطلب فيها أن تهبه صوت عندليب فضلا عن محاسنه الأخرى. ولكن جونو رفضت طلبه. ألح الطاووس في طلبه مذكرا إياها أنه طائرها المفضل، فقالت جونو: «ارض بنصيبك؛ فلا يمكن لأحد أن يكون الأول في كل شيء.»
الثعلب والأسد
عندما شهد الثعلب الأسد للمرة الأولى تملكه رعب شديد، ففر واختبأ في الغاب. أما في المرة الثانية فقد أتى قريبا من ملك الحيوانات ووقف على مسافة آمنة وشاهده وهو يمر. وفي المرة الثالثة التي التقيا فيها أقبل الثعلب مباشرة إلى الأسد وقضى معه سحابة النهار
1
يسأله كيف حال أسرته، ومتى سيسعد برؤيته مرة ثانية. ثم أدار ذيله وفارق الأسد دون كثير مراسم. ••• «الإلف
2
يذهب بالهيبة.»
الشجرة والبوصة
قالت الشجرة يوما لبوصة نابتة عند قاعدتها: «حقا أيتها الصغيرة، لماذا لا تغرسين أقدامك عميقا في الأرض وترفعين رأسك بجراءة في الجو كما أفعل أنا؟» قالت البوصة: «إنني راضية بنصيبي، ربما لا أكون عظيمة مثلك، ولكني أعتقد أنني أكثر أمانا.» قالت الشجرة ساخرة: «أمانا؟! من ذا الذي يمكنه أن يقتلعني من جذوري أو يثني رأسي إلى الأرض؟!»
ولكن ما عتم
1
أن جاء اليوم الذي ندمت فيه الشجرة على غرورها؛ فقد هبت عاصفة اقتلعتها من جذورها ورمت بها على الأرض جذعا لا قيمة له، بينما انحنت البوصة الصغيرة لقوة الريح، فما لبثت أن استوت قائمة مرة ثانية عندما هدأت العاصفة. ••• «نعم الحصن الخمول.»
2
الثعلب والقطة
كان الثعلب يفاخر القطة بوسائله الذكية في الهروب من أعدائه، فقال لها: «إن لدي طاقما كاملا من الحيل، يحتوي على مائة طريقة للهروب من أعدائي.» قالت القطة: «أما أنا فعندي طريقة واحدة فقط، ولكني أستطيع أن أتصرف بها في عامة الأحوال.» في تلك اللحظة بالضبط سمع الاثنان نباح فرقة من كلاب الصيد قادمة نحوهما، ففرت القطة على الفور إلى أعلى شجرة واختبأت بين أغصانها، وقالت للثعلب: «هذه هي خطتي، فماذا أنت فاعل؟» أخذ الثعلب يفكر في طريقة أولى، ثم في طريقة ثانية، وبينما هو يتدبر أمره اقتربت الكلاب أكثر فأكثر إلى أن أمسكوا بالثعلب وهو في حيرته وارتباكه، وما لبث الصيادون أن قتلوه.
قالت السيدة بوسي التي كانت ترقب ما حدث: «طريقة واحدة آمنة خير من مائة طريقة لا يعتمد عليها.»
الكلب والمذود
تطلع الكلب يوما إلى نوم القيلولة،
1
فوثب داخل مذود
2
ثور ورقد هناك على التبن مستمتعا بالدفء والراحة، ولكن لم يمض وقت طويل حتى عاد الثور من عمل الظهيرة وأقبل إلى المذود وأراد أن يأكل بعض التبن. كان ذلك مؤرقا للكلب، فنهض في ثورة غضب وأخذ ينبح على الثور، وكلما دنا من التبن هم بعضه.
وأخيرا يئس الثور من بلوغ التبن فانصرف مغمغما:
3 «آه! كم ينفس الناس على الغير
4
ما هم أنفسهم عاجزون عن الاستمتاع به.»
صياد السمك
ذات يوم أخذ صياد مزاميره إلى ضفة نهر، وأخذ يعزف عليها على أمل أن يصعد السمك إلى سطح الماء، ولكن لم تخرج سمكة واحدة أنفها من الماء؛ لذا فقد قذف شبكته إلى النهر وسرعان ما سحبها وهي مليئة بالسمك، عندئذ أمسك مزاميره مرة ثانية، وفيما هو يعزف كان السمك يتقافز في الشبكة، فتعجب الصياد: «أإنكم لترقصون الآن عندما أعزف!» فردت سمكة عجوز: «نعم، فعندما تكون في قبضة إنسان، فلا مناص
1
لك من أن تأتمر بأمره.»
2
صبي الراعي
كان هناك صبي راع يرعى غنمه على سفح الجبل بالقرب من غابة مظلمة، كان ذلك يوقع في قلبه الوحشة طوال النهار؛ ولذلك فكر الصبي في خطة يمكنه بها أن يظفر بشيء من الائتناس وشيء من الإثارة، فاندفع نازلا إلى القرية مستنجدا: «ذئب! ذئب!» فهرع
1
أهل القرية لنجدته، ومكث بعضهم معه
2
فترة طويلة من الوقت، أما الصبي فقد راقه هذا الأمر
3
حتى إنه بعد ذلك ببضعة أيام كرر الخدعة نفسها، وأقبل أهل القرية لنجدته، ولكن لم يمض وقت طويل بعد ذلك حتى قدم ذئب حقا من الغابة وبدأ يناوش الأغنام، فصرخ الصبي في الحال: «ذئب! ذئب!» بصوت أعلى من ذي قبل، إلا أن أهل القرية الذين خدعوا مرتين من قبل ظنوا أن الصبي يخدعهم مرة أخرى، فلم يتحرك أحد لنجدته.
وهكذا نال الذئب وجبة جيدة من قطيع الصبي، وعندما شكا الصبي إلى حكيم القرية قال له الحكيم: «يوشك الكذاب ألا يصدقه أحد، حتى إذا قال الحقيقة.»
السرطان الصغير وأمه
في يوم رائق خرج سرطانان من بيتهما ليأخذا جولة على الرمل، قالت الأم: «ولدي، أنت تمشي برعونة
1
شديدة، ينبغي عليك أن تروض نفسك
2
على السير باستقامة إلى الأمام دون أن تنحرف من جانب إلى جانب.»
قال السرطان الصغير: «حنانيك
3
يا أماه! فقط قدمي لي المثال بنفسك، وأنا أقتدي بك.»
4 ••• «القدوة خير قاعدة.»
الحمار في جلد الأسد
عثر حمار يوما على جلد أسد، كان الصيادون قد تركوه في الشمس ليجف، فلبسه ومضى إلى أهل قريته، وعندما قدم إليهم فر الجميع من أمامه، سواء من الناس أو من الحيوانات، فكان مزهوا بنفسه
1
في ذلك اليوم.
وفي غمرة ابتهاجه رفع عقيرته
2
وأخذ ينهق، فكان أن عرفه الجميع، وجاء صاحبه فأوسعه ضربا
3
بهراوته
4
لما بثه من رعب.
5
وما لبث أن جاء ثعلب إليه وقال ساخرا: «لقد عرفتك من صوتك.» ••• «مهما تنكر الأحمق في جميل الثياب، فسوف يكشفه سخف حديثه.»
الرفيقان والدب
كان رفيقان يسافران معا خلال الغابة، إذ اندفع نحوهما دب. اتفق أن كان أحد المسافرين في المقدمة فتعلق بفرع شجرة واختبأ بين الأوراق. أما الثاني وقد وجد أن لا معين له في مأزقه، فقد ارتمى على الأرض منبطحا ووجهه إلى التراب، فأقبل عليه الدب ووضع أنفه عند أذنه وتشممه مرارا. ولكنه في النهاية هز رأسه مزمجرا وابتعد مترهلا؛ لأن من طبع الدببة ألا تقرب اللحم الميت.
عندئذ نزل الرفيق الأول من الشجرة وأقبل على رفيقه وقال ضاحكا: «بم كان السيد دب يهمس إليك في أذنك؟» قال الآخر: «كان يقول لي: لا تول الثقة
1
بصديق يتخلى عنك عند الحاجة.»
الجرتان
على ضفة نهر كانت هناك جرة ملقاة من النحاس وأخرى من الخزف. وعندما ارتفع المد طفت الجرتان وجرفهما التيار معا، هنالك حاولت الجرة الخزفية بكل جهدها أن تتجنب الاقتراب من الجرة النحاسية التي صاحت: «لا تخافي يا صديقتي؛ فأنا لن أرتطم بك.» فقالت الجرة الخزفية: «ولكنني قد ألمسك إذا اقتربت أكثر من اللازم، وسواء صدمتك أو صدمتني فسوف أتضرر في الحالين.» ••• «القوي والضعيف لا تدوم لهما عشرة.»
الصياد والسمك الصغير
أنفق صياد يوما بأكمله في صيد السمك ولكنه لم يصطد غير سمكة صغيرة، قالت السمكة: «أرجوك اتركني، إنني أصغر من أن أشبعك الآن، فإذا أعدتني إلى النهر فسوف أنمو سريعا، وعندئذ يمكنك أن تصنع مني وجبة جيدة.»
قال الصياد: «كلا، كلا يا سمكتي الصغيرة، إنك في يدي الآن، وربما لا أتمكن من اصطيادك بعد هذا.» ••• «قليل في اليد خير من كثير في الظنون.»
الطماع والحسود
مثل جاران أمام
1
الإله جوبيتر وتضرعا إليه
2
أن يحقق لكل منهما أمنيته؛ أما الرجل الأول فكان ممتلئا طمعا، وأما الرجل الثاني فكان حسودا يأكل الحسد قلبه؛ ولذا أراد جوبيتر أن يعاقبهما فوافق على أن يحقق لكل واحد منهما أي شيء يتمناه لنفسه، ولكن بشرط أن ينال الآخر ضعف ذلك الشيء. تمنى الرجل الطماع أن يكون لديه غرفة مليئة بالذهب، وما كاد يطلب حتى تحقق طلبه، غير أن فرحته كلها انقلبت إلى حزن عندما وجد أن جاره صار لديه غرفتان مليئتان بهذا المعدن النفيس، ثم جاء دور الرجل الحسود الذي لم يحتمل أن يجد جاره قد نال أي قدر من السعادة؛ ولذا فقد دعا أن تقلع إحدى عينيه هو حتى يصبح جاره في عمى تام. ••• «الرذائل عقاب نفسها.»
الريح والشمس
كان الريح والشمس يتجادلان أيهما هو الأقوى، وفجأة رأيا مسافرا قادما على الطريق، فقالت الشمس: «وجدت طريقة لحسم خلافنا: من يستطيع منا أن يجعل هذا المسافر يخلع معطفه سيعد هو الأقوى، فلتبدأ أنت.»
وتوارت الشمس
1
وراء سحابة، وبدأ الريح يعصف على المسافر بأقصى ما لديه من شدة، غير أنه كلما اشتد في العصف أحكم المسافر لف معطفه حول نفسه، إلى أن استيأس
2
الريح وكف عن المحاولة، عندئذ برزت الشمس وسطعت بكل بهائها على المسافر، الذي سرعان ما وجد الجو حارا بحيث يشق عليه أن يسير وهو مدثر
3
بمعطفه. ••• «الرفق يفعل ما لا تفعل القسوة.»
البخيل وذهبه
في يوم من الأيام كان هناك رجل بخيل اعتاد أن يخبئ ذهبه أسفل شجرة في حديقته، غير أنه اعتاد أن يذهب كل أسبوع ويحفر في المكان، ويبرز الذهب، ويتأمل ازدياد ثروته بسرور وإعجاب.
كان هناك لص قد لاحظ ذلك، فذهب وحفر وأخرج الذهب وفر به، وعندما أتى البخيل في المرة القادمة ليتأمل كنوزه لم يجد غير الحفرة الخاوية، فشد شعره وأطلق صرخة مدوية جعلت جيرانه جميعا يهرعون إليه، فحكى لهم الرجل كيف اعتاد أن يأتي ويتفقد ذهبه، فسأله أحد الجيران: «هل حدث يوما أن أخذت منه أي شيء؟» فقال الرجل: «كلا، إنما كنت أجيء لأنظر إليه فقط.» هنا قال أحد الجيران: «لا بأس
1
إذن، بوسعك
2
أن تأتي ثانية وتنظر إلى الحفرة؛ فإن ذلك سوف يوفي لك بالغرض نفسه بالضبط.» ••• «الثروة التي لا استخدام لها بمثابة ثروة لا وجود لها.»
الظبية العوراء
كانت عثرة الحظ قد أدت بالظبية إلى أن تفقد إحدى عينيها، فلم تعد ترى أي شخص يدانيها
1
على ذلك الجانب؛ لذا فقد اعتادت دائما، حتى تتجنب أي خطر، أن تتناول غداءها على جرف
2
قرب البحر وعينها السليمة ناظرة تجاه البر «وعينها العمياء مواجهة للبحر». وبهذه الطريقة كان بوسعها أن ترى الصيادين كلما اقتربوا منها على البر، وكثيرا ما تمكنت من الهرب بهذه الطريقة، غير أن الصيادين اكتشفوا أن إحدى عينيها عمياء، فاكتروا قاربا وجذفوا حتى الجرف حيث اعتادت أن تأكل، ثم أطلقوا عليها الرصاص من البحر.
تأوهت الظبية قائلة في حشرجة الموت: «آه! لا يمنع حذر من قدر.»
تعليق الجرس في عنق القطة
في قديم الزمان، عقدت الفئران مجلسا عاما للنظر في وسائل يمكنهم بها أن يدفعوا كيد عدوهم المشترك (القطة). قال البعض: نفعل كذا. وقال البعض: نفعل كيت. وأخيرا انبرى
1
فأر صغير وقال إن لديه اقتراحا لينفذوه يرى أنه يفي بالغرض. قال الفأر الصغير: «لعلكم توافقونني جميعا على أن الخطر الأكبر الذي يواجهنا يتمثل في الطريقة الماكرة المخادعة التي يقدم بها عدونا علينا، فالآن إذا ما تمكنا من أن نتلقى إشارة معينة لمقدمه سيكون بإمكاننا أن نهرب منه بسهولة؛ لذا فإنني أغامر باقتراح أن ندبر لنا جرسا صغيرا نعقده بشريط نطوق به رقبة القطة. بهذه الطريقة يتسنى لنا
2
دائما أن نتنبه عند قدومها، ويمكننا بسهولة أن نختبئ منها عندما تكون على مقربة منا.»
قوبل هذا الاقتراح باستحسان عام، إلى أن نهض فأر عجوز وقال: «كل ذلك حسن جدا، ولكن من الذي سيتولى تعليق الجرس في عنق القطة؟»
هنا نظر الفئران بعضهم إلى بعض ولم ينطق أحد، عندئذ قال الفأر العجوز: «ما أسهل أن يقترح العقل حلولا غير ممكنة عمليا.»
العجوز والموت
كان حمال عجوز انحنى ظهره انحناء من السن والكدح يجمع أعوادا في الغابة، حتى نال منه التعب واليأس فرمى حزمة الأعواد وصاح: «لم أعد أطيق هذه الحياة. آه! كم أود أن يأتي الموت ويأخذني!»
لم يكد العجوز يقول ذلك حتى ظهر «الموت»؛ ذلك الهيكل العظمي المروع، وقال له: «ماذا تريد أيها الإنسان؟ لقد سمعتك تناديني.» فرد الحطاب: «من فضلك يا سيدي، هل أطمع في أن تساعدني في رفع هذه الحزمة من الأعواد إلى كتفي؟» ••• «كثيرا ما نأسف حين تلبى رغباتنا.»
الأسد في حالة حب
وقع الأسد يوما في غرام فتاة جميلة، وعرض على أبويها الزواج منها. تحير العجوزان، ولم يعرفا ماذا يقولان؛ فهما لا يريدان أن يعطيا ابنتهما للأسد، غير أنهما لا يريدان أن يغضبا ملك الحيوانات. أخيرا قال الأب: «إنه ليشرفنا غاية الشرف طلب جلالتك، غير أنك ترى أن ابنتنا هي شيء صغير رقيق، ونحن نخشى أنك في فورة حبك
1
قد يصيبها منك أذى ما. فهل أجرؤ وأطلب من جلالتك أن تقلع مخالبك وتخلع أسنانك؟ عندئذ سوف يسرنا أن ننظر في طلبك مرة ثانية.»
كان الحب قد بلغ من الأسد مبلغا عظيما؛ بحيث إنه قلم مخالبه وخلع أسنانه الكبيرة، ولكن عندما ذهب ثانية إلى والدي الفتاة الصغيرة ضحكا في وجهه ببساطة وقالا له افعل ما أنت فاعل! ••• «الحب يروض الضواري.»
2
حزمة العصي
أحس رجل عجوز باقتراب الأجل،
1
فجمع أبناءه من حوله ليعطيهم نصيحة قبل رحيله. أمر الرجل خدمه بأن يحضروا حزمة من العصي، وقال لأكبر أبنائه: «اكسرها.» بذل الابن كل جهده، ولكنه لم يستطع أن يكسر الحزمة، وحاول بقية الأبناء أيضا، ولكن لم ينجح أي منهم في ذلك. قال الأب: «فكوا الحزمة، وليأخذ كل واحد منكم عصا.» ففعلوا، عندئذ صاح بهم: «الآن اكسروا.» فانكسرت كل عصا بسهولة. قال الأب: «ها أنتم ترون ما أعني.»
2 ••• «الاتحاد قوة.»
الفتاة القطة
كان الآلهة ذات يوم يتناقشون فيما إذا كان بوسع الكائن الحي أن يغير طبعه. قال جوبيتر: «نعم.» ولكن فينوس قالت: «لا.» ولكي يخضعوا المسألة للتجربة قام جوبيتر بتحويل قطة إلى فتاة عذراء ووهبها لشاب لتكون له زوجا، وأقيم العرس في حينه، وجلس الزوجان إلى وليمة العرس. قال جوبيتر لفينوس: «انظري كيف تتصرف بطريقة لائقة؟ من يقول إنها كانت بالأمس مجرد قطة؟! من المؤكد أن طبعها قد تغير.»
قالت فينوس: «مهلا!» وأطلقت فأرا في الحجرة. ولم تكد العروس ترى هذا حتى وثبت من مقعدها وجعلت تطارد الفأر. قالت فينوس: «ها أنت ترى.» ••• «الطبع غالب.»
الحصان والحمار
كان حصان وحمار مسافرين معا، الحصان يطفر
1
في جله
2
البديع، والحمار يتحامل مثقلا بحمل ثقيل في خرجه،
3
تنهد الحمار قائلا: «ليتني أنت؛ لا عمل تكلف به، ومغذى جيدا، وكل هذا السرج الجميل عليك.»
غير أنه في اليوم التالي وقعت معركة كبيرة، وأصيب الحصان بجراح قاتلة في الهجوم الأخير من ذلك اليوم، وتصادف أن يمر صديقه الحمار بعد ذلك بقليل ليجده في النزع الأخير، فقال الحمار: «لقد كنت مخطئا.» ••• «فقر مع أمان خير من خطر مذهب.»
عازف البوق أسيرا
في إحدى المعارك غامر عازف البوق بالاقتراب الزائد من العدو، فأخذوه أسيرا. وقد هموا بأن يعدموه عندما توسل إليهم أن يسمعوا دفاعه لطلب العفو، قال الرجل: «إنني امرؤ لا أقاتل، وإنني بالفعل لا أحمل سلاحا، ولا أعدو أن أنفخ في هذا البوق، وذلك شيء لا يمكن أن يلحق بكم ضررا بالتأكيد. فلماذا إذن تقتلونني؟»
فقال الآخرون: «ربما أنت لا تقاتل بنفسك، غير أنك تشجع رجالك على القتال وتقودهم إليه.» ••• «أحيانا ما تكون الأقوال أفعالا.»
المهرج والقروي
في سوق موسمية ريفية كان هناك مهرج جعل الناس يغرقون في الضحك بتقليد الحيوانات المختلفة، وفي ختام عرضه أخذ يصيء كالخنزير، فكان صوته مطابقا لصوت الخنزير بحيث ظن المتفرجون أنه يخبئ خنزيرا بالقرب منه.
إلا أن قرويا من الحاضرين قال: «أتسمون هذا صوت خنزير؟! هذا أبعد ما يكون عن صوت الخنزير. أمهلوني حتى الغد وأنا أريكم كيف يكون صوت الخنزير.» وضحك الجمهور. ولكن في اليوم التالي حقا ظهر القروي على المسرح وخفض رأسه وصرخ صرخة قبيحة دفعت الجمهور إلى أن يزجره ويلقي بالحجارة عليه ليسكت.
هنا صاح القروي: «أيها الحمقى، انظروا ماذا كنتم تزجرون.» ورفع لهم خنزيرا صغيرا كان يقرص أذنه لكي يجعله يطلق الصرخات. ••• «كثيرا ما يصفق الناس للشيء الزائف ويخرسون الشيء الحقيقي.»
العجوز وجرة النبيذ
اعلم أن العجائز يرغبن أحيانا في كأس من النبيذ. صادفت واحدة من هؤلاء ذات مرة جرة من النبيذ ملقاة في الطريق، فهرعت إليها آملة أن تجدها ملأى، ولكنها حين التقطتها وجدتها فارغة تماما من النبيذ، ورغم ذلك فقد أخذت العجوز نشقة طويلة من فم الجرة وصاحت: «آه! يا للذكريات التي تبقى متشبثة بأدوات متعتنا!»
الثعلب والماعزة
كان هناك ثعلب أوقعه سوء الحظ في بئر عميقة لم يمكنه الخروج منها، ولم يمض وقت طويل حتى مرت ماعزة فسألت الثعلب عما يفعل في قعر البئر، قال الثعلب: «عجبا! ألم تسمعي؟! سيحل قحط عظيم؛ ولذلك قفزت إلى هنا أسفل البئر؛ لكي أؤمن الماء لنفسي. لماذا لا تنزلين أنت أيضا؟»
أما الماعزة فقد أحسنت الظن بهذه النصيحة، وقفزت إلى أسفل البئر، فما كان من الثعلب إلا أن وثب على ظهرها وركز قدمه على قرونها الطويلة، فتمكن بذلك من القفز عاليا إلى حافة البئر. عندئذ قال الثعلب: «مع السلامة أيتها الصديقة، تذكري في المرة القادمة: إياك أن تثقي بنصيحة من هو في عسر من أمره.»
ناپیژندل شوی مخ