[خبرته عليه السلام بالبلدان وطبائع أهلها]
وبعد والحمد لله ما أحطت بكثير مما لا يستغنى عن خبرته من أمر الدين والدنيا، حتى أتيت فيه على أكثر ما يحتاج إليه في البحث والخبرة، وبعد أن نظرت في كثير من علم العرب، وكثير من علم العجم، وبعد أن خبرت بالمحاضرة وتخبرت بالمسألة أخبار كثير من البلدان والأمم، فمن الأمم من خبرته بالمشاهدة والمعاينة والمجاورة والمساكنة، ومنهم من تخبرت عنه من يخبره ممن يجاوره ويساكنه ممن أثق بخبره وفهمه وصدق حديثه، حتى كأني رأيتهم في بلدانهم، وكأني عاينت جميع أمورهم وشأنهم، ومن البلدان ما رأيته عيانا، وسكنته زمانا.
فأما الذين فهمت شأنهم وأديانهم وآدابهم وأخلاقهم، فالعرب من اليمن ومن نزار، الأبرار منهم والفجار، والفرس، وأهل خراسان، والسند، والروم، والسودان، فهؤلاء الأجناس والعرب منهم قد خبرتهم في بلدانهم وأوطانهم، وفهمت ما هم عليه من مذاهبهم وأخلاقهم، فأما من سميت من أجناس العجم، فقد خبرت بعضهم في بلدانهم، وفهمت كثيرا مما هم عليه في أرضهم من شأنهم.
مخ ۲۶