((فيما ورد عن شفيع الخلق يوم القيامة أنه احتجم وأمر)
بالحجامة))
وهو يشتمل على أحاديث في الحجامة، مما هو مأثور مروي عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضلها ووقت فعلها
مخ ۳۳
تأليف الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث الفهامة شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل الكناني البوصيري الشافعي تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه وغفر له ولوالديه وجميع المسلمين. آمين كتب على غلاف النسخة هذا الحديث:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أهدي المرء المسلم هدية أفضل من كلمة حكمة يزيده الله تعالى بها هدى، أو يرده عن أذى)) رواه صاحب الفردوس وابنه أبو منصور الديملي في كتابه ((مسند الفردوس)) بسنده إلى ابن عمرو مرفوعا وقال: متصل الإسناد.
مخ ۳۵
بسم الله الرحمن الرحيم. وبه ثقتي
قال سيدي والدي الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث الفهامة شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري الشافعي تغمده الله تعالى برضوانه وغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين.
وبعد: فسألني بعض الإخوان أن أجمع له مما ورد من الحديث في الحجامة، تكون في أي عضو، وفي أي يوم، وبيان رجال الحديث في الصحة والضعف فأجبتهم إلى سؤالهم فقلت:
ورد عن جماعة من الصحابة منهم:
علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس. وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعبد الله بن مالك بن بحينة، وأبي هريرة، وسمرة، وأبي بكرة، ومعمر، وأبي كبشة، وسلمى، والحسين بن علي، رضي الله عنهم أجمعين، آمين.
1- فحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
رواه ابن ماجه في سننه قال حدثنا سويد بن سعيد قال حدثنا علي بن مسهر عن سعد الأسكاف عن الأصبغ بن نباته عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: نزل جبريل عليه الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بحجامة الأخدعين والكاهل.
مخ ۳۷
هذا إسناد ضعيف، الأصبغ بن نباته ضعفه أبو حاتم وابن معين، والعقيلي، والدارقطني، والساجي، وأبو أحمد الحاكم ومحمد بن عمار الجورجاني والبزار وابن عدي وغيرهم. والمتن صحيح كما سيأتي، وسعد بن طريف الأسكاف أسوأ حالا منه.
مخ ۳۸
ورواه صاحب الغيلانيات من طريق مندل بن علي، عن سعد الإسكاف به، أي بسند سعد السابق من كونه عن الأصبغ بن نباته عن علي.
والأخدعان: عرقان في جانبي العتق.
والكاهل: الكتف، قاله في النهاية.
وقيل: ما بين الكتفين، قال ابن مطجن (¬1) .
2- وحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فله أحاديث:
2- (1) الأول: رواه أحمد بن منيع في مسنده رواه [عن] يزيد بن
هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان به، ورواه البخاري في صحيحه قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في رأسه وهو محرم، من وجع كان به [بماء] يقال له لحي جمل، قال وقال الأنصاري: يعني هشام: في رأسه.
مخ ۳۹
وقال محمد بن سواء عن هشام به. احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به.
ورواه مسلم في صحيحه عن أبي بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم.
وأبو داود عن أحمد بن حنبل، والترمذي عن قتيبة، والنسائي عن قتيبة وابن منصور، كلهم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاووس عن ابن عباس به.
ورواه أبو داود أيضا عن عثمان عن يزيد بن هارون عن هشام بن حسان به نحوه: احتجم -وهو محرم- في رأسه من داء كان به، ورواه النسائي في الكبرى عن أبي داود عن محاضر عن هشام به.
ورواه في الكبرى عن هارون بن عبد الله عن أبي مالك بشر بن الحسن -أخي حسين- عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به.
ورواه البيهقي في سننه الكبرى عن طاووس وعطاء عن ابن عباس به.
مخ ۴۰
قلت: لحي جمل بفتح اللام والحاء المهملة، موضع بين مكة والمدينة وقيل: عقبة، وقيل: ماء.
والشقيقة: نوع من صداع يعرض في مقدم الرأس وإلى حد جانبيه.
2- (2) حديث ثاني لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
مخ ۴۱
رواه أحمد بن منيع في مسنده حدثنا يزيد أخبرنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما مررت بملاء من الملائكة ليلة أسري بي إلا قالوا: عليك بالحجامة يا محمد)).
مخ ۴۳
رواه عبد بن حميد ثنا يزيد بن هارون حدثنا عباد بن منصور به فذكره.
وزاد: خير يوم يحتجمون فيه، سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرون.
رواه الترمذي في الجامع قال حدثنا عبد بن حميد أخبرنا النضر بن شميل حدثنا عباد بن منصور سمعت عكرمة يقول: كان لابن عباس غلمة ثلاثة حجامون، فكان اثنان منهم يغلان عليه وعلى أهله، وواحد يحجمه ويحجم أهله، قال: وقال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((نعم العبد الحجام يذهب الدم ويخف الصلب، ويجلو عن الصبر)) وقال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث عرج به، ما مر على ملاء من الملائكة إلا قالوا: عليك بالحجامة)).
وقال: ((إن خير ما تحتجمون فيه [يوم] سبع عشرة، ويوم تسع عشرة ويوم إحدى وعشرين)). وقال: ((إن خير ما تداويتم به السعوط واللدود والحجامة والمشي وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لده العباس وأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من لدني؟ فكلهم أمسكوا، فقال: لا يبقى أحد ممن في البيت إلا لد غير عمه العباس)) قال النضر: اللدود الوجور.
مخ ۴۴
قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عباد بن منصور الناجي بالقصة الأولى نعم العبد الحجام.
ورواه ابن ماجه أيضا عن نصر بن علي الجهضمي عن زياد بن الربيع عن عباد بن منصور بالقصة الثانية: ما مررت بملاء.
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق يزيد بن هارون عن عباد بن منصور به بلفظ ((خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة فذكره بتمامه مفرقا في ثلاثة أحاديث، وقال في كل منهما حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
مخ ۴۵
وكذا رواه محمد بن محمد بن غيلان في الغيلانيات عن أبي عمران موسى بن سهل الوشاء عن يزيد بن هارون أخبرنا عباد بن منصور به فذكره.
قلت: مدار هذا الحديث على عباد بن منصور العطاردي، وقد قال فيه أبو حاتم: كان ضعيف الحديث يكتب حديثه. وقال ابن عدي: هو في جملة من يكتب حديثه، وقال النسائي: ليس بالقوي وقال العجلي: لا بأس به يكتب حديثه، وقال مرة: جائز الحديث وقال ابن سعد: ضعيف عندهم.
مخ ۴۶
2- (3) حديث ثالث لابن عباس رضي الله عنهما:
رواه أحمد بن منيع حدثنا يزيد أنبأنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
ورواه أبو بكر البزار في مسنده قال حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة حدثنا عبيد الله -يعني ابن موسى- حدثنا يعقوب القمي عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: احتجموا لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين ولا يتبيغ بكم الدم فيقتلكم)).
قال البزار لا نعلمه يروى إلا عن ابن عباس، وروي عن عباد عن عكرمة، وهذه الطريق الحسن، لأن عبادا لم يسمع عن عكرمة.
مخ ۴۷
قلت: له شاهد رواه ابن ماجه في سننه من طريق النهاس بن قهم، والحاكم في مستدركه من طريق الحسن كلاهما عن أنس وسيأتي، وقال الحاكم بعد تخريجه: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه انتهى.
وقوله يتبيغ بفتح التاء المثناة والباء الموحدة وبفتح الياء المشددة آخر الحروف وآخره غين معجمة على وزن يتفعل، يقال تبيغ الدم وتبوغ أي: ثار.
2-(4) حديث رابع لابن عباس:
مخ ۴۸
رواه الترمذي في الشمائل ((إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في الأخدعين وبين الكتفين، وأعطى الحجام أجره، ولو كان حراما لم يعطه)) الحديث رواه عن هارون ابن إسحاق الهمداني عن عبدة بن سليمان عن سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن الشعبي عن ابن عباس فذكره.
3- وأما عبد الله بن عمر بن الخطاب فله حديثان:
3- (1) الحديث الأول من حديثه:
مخ ۵۰
رواه ابن ماجه في سننه قال حدثنا محمد بن المصفى الحمصي حدثنا عثمان بن عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن عصمة عن سعيد بن ميمون عن نافع قال ابن عمر: يا نافع! تبيغ بي الدم، فأتني بحجام واجعله شابا ولا تجعله شيخا، ولا صبيا، قال وقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((الحجامة على الريق أمثل، وهي تزيد في العقل، وتزيد في الحفظ، وتزيد الحافظ حفظا، فمن كان محتجما فيوم الخميس على اسم الله، واجتبوا الحجامة يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء فإنه اليوم الذي أصيب فيه أيوب بالبلاء، وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء)).
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق عبد الله من صالح المصري وعطاف ابن خالد عن نافع عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة، وهي تزيد في العقل وتزيد في الحفظ)) الحديث وفيه ((احتجموا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي صرف الله عن أيوب فيه البلاء، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء)) فذكره.
قلت: إسناد ابن ماجه قال فيه الذهبي: مجهول.
وطريق الحاكم فيه عبد الله بن صالح المصري متهم، وكذبه صالح جزرة وغيره انتهى.
مخ ۵۱
وقوله تبيغ أي: ثار وقد تقدم ضبطه في الحديث قبله.
3- (2) الحديث الثاني من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
مخ ۵۲
رواه ابن ماجه في سننه قال حدثنا سويد بن سعيد قال حدثنا عثمان بن مطر عن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر قال: [يا] نافع! قد تبيغ بي الدم فالتمس لي حجاما، واجعله رفيقا إن استطعت، ولا تجعله شيخا كبيرا ولا صبيا صغيرا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحجامة على الريق أمثل، وفيه شفاء وبركة، وتزيد في العقل وفي الحفظ، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس [واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت ويوم الأحد تحريا واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب [عليه الصلاة والسلام] من البلاء، وضربه بالبلاء يوم الأربعاء، فإنه لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء وليلة الأربعاء)).
مخ ۵۳
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق عذال بن محمد عن محمد بن جحادة. وقال: رواة هذا الحديث كلهم ثقات إلا عذال بن محمد، فإنه مجهول لا أعرفه بعدالة ولا حرج. وقد صح الحديث عن ابن عمر [رضي الله عنهما] من قوله من غير مسند ولا متصل.
مخ ۵۴
ثم رواه من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر فذكره موقوفا على ابن عمر. قلت: عذال بن محمد بعين مهملة مفتوحة، ثم ذال معجمة ثم ألف ثم لام قال فيه صاحب الميزان: لا يدرى من هو، ذكره أحمد بن علي السليماني فيمن يضع الحديث، وقال روى عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ((الحجامة تزيد في العقل الحديث انتهى)).
ولم ينفرد به عذال بن محمد عن محمد بن جحادة، فقد تابعه عليه الحسن بن أبي جعفر، لكن الحسن بن أبي جعفر ضعيف، ضعفه أحمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد القطان، والفلاس والبخاري والنسائي وابن عدي وغيرهم.
وقد تقدم مدلول تبيغ وضبطها في حديث ابن عباس.
مخ ۵۵
3- (3) وروى البيهقي في سننه الكبرى من طريق عطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن في الجمعة ساعة لا يحتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه)). قال البيهقي [عطاف بن خالد ضعيف] وروى يحيى بن العلاء الرازي وهو متروك بإسناد له عن الحسين بن علي فيه حديثا مرفوعا وليس بشيء.
قلت: وعطاف بن خالد ضعيف.
4- وأما حديث عبد الله بن جعفر:
مخ ۵۶