116

هدایت حیران

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

پوهندوی

محمد أحمد الحاج

خپرندوی

دار القلم- دار الشامية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

د خپرونکي ځای

جدة - السعودية

تَعَالَى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ. وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُوَبِّخُ الْعَالَمَ عَلَى الْخَطِيئَةِ، وَهَذَا يَسْتَحِيلُ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى يَقُومُ بِقَلْبِ الْحَوَارِيِّينَ، فَإِنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ وَشَهِدُوا لَهُ قَبْلَ ذِهَابِهِ، فَكَيْفَ يَقُولُ: إِذَا جَاءَ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ لِي، وَيُوصِيهِمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ، أَفَتَرَى الْحَوَارِيِّينَ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ بِالْمَسِيحِ، فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ جَهْلِ النَّصَارَى وَضَلَالِهِمْ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ وَبَّخَ جَمِيعَ الْعَالِمِ عَلَى الْخَطِيئَةِ إِلَّا مُحَمَّدٌ ﷺ، فَإِنَّهُ أَنْذَرَ جَمِيعَ الْعَالَمِ مِنْ أَصْنَافِ النَّاسِ وَوَبَّخَهُمْ عَلَى الْخَطِيئَةِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مُجَرَّدِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بَلْ وَبَّخَهُمْ وَفَزَّعَهُمْ وَتَهَدَّدَهُمْ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ يَنْطِقُ مِنْ عِنْدِهِ بَلْ يَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا يَسْمَعُ. وَهَذَا إِخْبَارٌ بِأَنَّ كُلَّ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ فَهُوَ وَحْيٌ يَسْمَعُهُ، لَيْسَ هُوَ شَيْءٌ تَعَلَّمُهُ مِنَ النَّاسِ أَوْ عَرَفَهُ بِاسْتِنْبَاطٍ، وَهَذِهِ خَاصَّةٌ بِمُحَمَّدٍ ﷺ. وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَكَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى قَبْلَهُ يُشَارِكُ بِهِ أَهْلَ الْكِتَابِ، تَلَقَّاهُ عَمَّنْ قَبْلَهُ، ثُمَّ جَاءَهُ وَحْيٌ خَاصٌّ مِنَ اللَّهِ فَوْقَ مَا كَانَ عِنْدَهُ، قَالَ تَعَالَى: وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ فَأَخْبَرَ ﷾ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُ التَّوْرَاةَ الَّتِي تَعَلَّمَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَزَادَهُ تَعْلِيمَ الْإِنْجِيلِ الَّذِي اخْتُصَّ بِهِ، وَالْكِتَابَ الَّذِي هُوَ الْكِتَابَةُ، وَمُحَمَّدٌ ﷺ لَمْ يَكُنْ تَعَلَّمَ قَبْلَ الْوَحْيِ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ.

1 / 332