هداية العباد المرجع الأعلى للشيعة سماحة آية الله العظمى السيد محمد رضا الموسوي الگلپايگاني دام ظله الوارف الطبعة الأولى المجلد الأول
مخ ۱
اسم الكتاب: هداية العباد فتاوي سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد محمد رضا الموسوي الگلپايگاني مد ظله الناشر: دار القرآن الكريم الطبعة: الأولى الكمية: 10000 نسخة التاريخ: جمادى الأولى 1413 قم المشرفة - إيران
مخ ۲
مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه، محمد وآله الطيبين الطاهرين.
قال الله تعالى (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) - الجاثية - 81 وقال تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله...) الشورى - 21 وقال تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) - المائدة 50 وعن الإمام الصادق عليه السلام (الحكم حكمان: حكم الله، وحكم الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله فقد حكم بحكم الجاهلية) - الكافي ج 7 ص 407.
كلما تقدم الزمان، تأكد أنه لا بد لهذا الانسان من دين يهديه ويأخذ بيده، وإلا وقع في الضياع والجاهلية، سواء في تصوراته عن نفسه والكون والحياة، أم في سلوكه الفردي والاجتماعي.
من هنا يمتاز المسلم المتدين عن غيره بأنه يهتدي بالدين المبين الذي أنزله الله تعالى على خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، فيعتقد بأصوله ويعمل بفروعه.
أما أصول الدين أو عقائد الاسلام فلا يجوز فيها التقليد، بل لا بد أن
مخ ۳
يصل إليها المسلم بنفسه، باستعمال عقله وتفكيره واطلاعه.
وأما فروع الدين أو أحكام الشريعة المقدسة، فلا بد فيها من الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص، لأن استنباطها علم تخصصي من أدق العلوم، وقد جرت سيرة العقلاء في كل المجتمعات على الرجوع إلى أهل الخبرة في العلوم، وأمضت ذلك آيات القرآن وروايات الحديث.
من هنا كان واجب المكلف الذي لا يعرف أحكام الشريعة المقدسة أن يقلد مرجع التقليد المجتهد الأعلم الجامع لشرائط التقليد، فيأخذ بفتاواه في أمور سلوكه.
فالمسألة عند المتدين أن الله تعالى أنزل شريعة فيها أحكام للشؤون الفردية والاجتماعية لكل الناس وكل العصور، وفيها تكاليف وأوامر ونواه تخصه شخصيا في أمور عباداته ومعاملاته، ولا طريق له لتبرئة ذمته من مسؤوليتها والنجاة من عقاب مخالفتها، إلا بمعرفتها وتطبيقها، ولا طريق إلى معرفتها إلا بالأخذ بفتوى الخبير المختص، أي المرجع الجامع للشرائط.
فالتقليد والعمل بالفتوى إذن، من الأمور الضرورية عند المسلم المتدين، وليس من الأمور الكمالية. ولذا كانت سيرة المسلمين عموما على مر التاريخ الرجوع إلى كبار الفقهاء، وكانت سيرة أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام معرفة قدر مراجع التقليد ومقامهم، وطلب رسائلهم العملية، وإرسال الاستفتاءات إليهم.
وقد ألف سيدنا المرجع آية الله العظمى السيد محمد رضا الموسوي الگلپايگاني مد ظله من أكثر من ثلاثين سنة وإلى اليوم عدة كتب، وأجاب على ألوف الاستفتاءات وربما عشرات الألوف. وكان مما كتب تعليقته على رسالة وسيلة النجاة للمرجع الراحل آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني قدس سره.
مخ ۴
وعندما تكاثرت الرسائل والمراجعات إلى مكتبه دام ظله، بطلب رسالة عملية ميسرة، ولم تسمح له كثرة الاستفتاءات والمراجعات بكتابة رسالة جديدة، قمنا في هيئة الاستفتاء بتنفيذ أمره، فأدمجنا تعليقته على الوسيلة في المتن، ويسرنا عبارة المتن، وأضفنا عددا من فتاوي سماحته من رسالة توضيح المسائل الفارسية، وعددا آخر من تعليقته على العروة، واستفدنا عددا آخر من سماحته مباشرة، فكانت هذه الرسالة التي اختار لها سماحته اسم:
(هداية العباد) لقد قمت بصياغة المسائل، وقام أعضاء هيئة الاستفتاء حجج الاسلام والمسلمين الشيخ علي الثابتي الهمداني والشيخ علي النيري الهمداني دامت بركاتهم بالمراجعة والتدقيق، وتباحثنا في الموارد التي ينبغي فيها البحث، وراجعنا سماحة السيد المرجع مد ظله عندما كان يوجد إشكال، حتى جاءت الرسالة مطابقة لفتواه واضحة العبارة، والحمد لله.
نسأل المولى عز اسمه أن يتقبل عملنا وعمله ويمد في عمره الشريف ويهدينا وجميع المؤمنين إلى معرفة أحكامه والعمل بها، إنه سميع مجيب.
عن هيئة الاستفتاء علي الكوراني
مخ ۵
أحكام التقليد (مسألة 1) يجب بإلزام العقل على كل مكلف غير بالغ مرتبة الاجتهاد - في عباداته ومعاملاته وتمام أعماله ولو في المستحبات والمباحات، إلا ما كان من الضروريات أو حصل له به اليقين - أن يكون إما مقلدا أو محتاطا، بشرط أن يعرف موارد الاحتياط ولا يعرف ذلك إلا القليل، فعمل العامي غير العارف بمواضع الاحتياط من غير تقليد باطل، على التفصيل الذي يأتي أن شاء الله تعالى.
(مسألة 2) يجوز العمل بالاحتياط ولو استلزم التكرار على الأقوى.
(مسألة 3) التقليد المصحح للعمل هو الالتزام بالعمل بفتوى مجتهد معين، ويتحقق بتعلم المسائل منه للعمل بها وإن لم يعمل بها. نعم في مسألة جواز البقاء على تقليد الميت يتوقف على العمل بها على الأحوط الأولى.
(مسألة 4) الأحوط ترك العدول من الحي إلى الحي فيما تعلمه من مسائل وإن لم يعمل بها، إلا إذا كان الثاني أعلم.
(مسألة 5) يجب أن يكون مرجع التقليد عالما مجتهدا عادلا ورعا في دين الله تعالى، كما وصفه عليه السلام بقوله (وأما من كان من الفقهاء
مخ ۷
صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه).
(مسألة 6) يجب تقليد الأعلم مع الامكان على الأحوط إذا اختلفت فتواه عن فتوى غيره في المسائل المبتلى بها، وعلم بذلك المكلف تفصيلا أو إجمالا. ويجب الفحص عنه.
(مسألة 7) إذا تساوى مجتهدان في العلم، أو كان لا يعلم أنه يوجد بينهما أعلم، تخير بينهما، إلا إذا كان أحدهما المعين أورع أو أعدل فيتعين تقليده على الأحوط الأولى. وإذا تردد بين شخصين يحتمل أعلمية أحدهما المعين دون الآخر تعين تقليده.
(مسألة 8) إذا كان الأعلم منحصرا في شخصين ولم يحتمل تساويهما، ولم يتمكن من تعيين الأعلم منهما، تعين الأخذ بالاحتياط أو العمل بأحوط قوليهما مع التمكن، ومع عدمه يكون مخيرا بينهما. أما إذا احتمل تساويهما ويئس من تعيين الأعلم فيتخير بينهما مطلقا.
(مسألة 9) يجب على العامي أن يقلد الأعلم في مسألة تقليد الأعلم، فإن أفتى بوجوبه لا يجوز له تقليد غيره، وإن أفتى بجواز تقليد غير الأعلم تخير بين تقليده هو وتقليد غيره، إما إذا أفتى غير الأعلم بعدم وجوب تقليد الأعلم، فلا يجوز تقليده. نعم لو أفتى بوجوب تقليد الأعلم يجوز الأخذ بقوله، لكن لا من جهة حجية قوله بل لكونه موافقا للاحتياط.
(مسألة 10) إذا كان مجتهدان متساويان في العلم يتخير العامي في الرجوع إلى أيهما، كما يجوز له التبعيض في المسائل، بأن يأخذ بعضها من أحدهما وبعضها من الآخر.
(مسألة 11) يجب على العامي في زمان الفحص عن المجتهد أو الأعلم أن يعمل بالاحتياط، أو يأخذ بأحوط الأقوال.
مخ ۸
(مسألة 12) إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل، يجوز الرجوع فيها إلى غيره، مع رعاية الأعلم فالأعلم على الأحوط.
(مسألة 13) إذا قلد من ليس أهلا للفتوى ثم التفت، وجب عليه العدول. وكذا إذا قلد غير الأعلم وجب على الأحوط العدول إلى الأعلم فيما اختلفت فتواه فيه عن غيره. وكذا إذا قلد الأعلم ثم صار غيره أعلم منه.
(مسألة 14) لا يجوز تقليد الميت ابتداءا، نعم يجوز البقاء على تقليده في المسائل التي عمل بها في زمان حياته أو تعلمها للعمل وإن لم يعمل بها، وإن كان الأحوط الأولى الاقتصار في البقاء على ما عمل به.
كما يجوز الرجوع فيها إلى الحي الأعلم، وهو أحوط، فإن رجع فلا يجوز له الرجوع إلى فتوى الميت ثانيا، ولا إلى حي آخر على الأحوط، إلا إلى أعلم منه.
(مسألة 15) لا بد أن يكون البقاء على تقليد الميت بتقليد الحي، فلو بقي على تقليد الميت من دون الرجوع إلى الحي الذي يفتي بجواز ذلك، كان كمن قلد من غير تقليد، فإن كان بقاؤه موافقا لفتوى مرجعه الحي صحت أعماله، وإلا، كان كمن عمل بلا تقليد.
(مسألة 16) إذا قلد مجتهدا، ثم مات فقلد غيره، ثم مات فقلد في مسألة البقاء على تقليد الميت من يقول بوجوب البقاء أو جوازه، فالأظهر البقاء على تقليد الأول إن كان الثالث قائلا بوجوب البقاء، وأما إن كان قائلا بجوازه، فله أن يبقى على تقليد الثاني أو يرجع إلى الحي.
(مسألة 17) المأذون والوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف أو الوصايا أو في أموال القصر ينعزل بموت المجتهد، وأما المنصوب من قبله متوليا على الوقف أو قيما على القصر ففي انعزاله إشكال، فلا يترك الاحتياط بحصوله على نصب المجتهد الحي، أو إجازته بالتصرف.
(مسألة 18) إذا عمل عملا من عبادة أو عقد أو إيقاع على طبق فتوى
مخ ۹
من يقلده، فمات ذلك المجتهد فقلد من يقول ببطلانه، يجوز له البناء على صحة الأعمال السابقة، وإن كان الأحوط ترتيب الآثار الفعلية لبطلانها. ويجب عليه فيما يأتي أن يعمل بمقتضى فتوى المجتهد الثاني.
(مسألة 19) إذا قلد مجتهدا من غير فحص عن حاله، أو قطع بكونه جامعا للشرائط ثم شك في أنه كان جامعا لها أم لا، وجب عليه الفحص لمعرفة جواز تقليده فعلا، أما أعماله السابقة فحكمها الصحة قبل الفحص مع احتمال صحتها احتمالا عقلائيا.
(مسألة 20) إذا أحرز كونه جامعا للشرائط ثم شك في زوال بعضها عنه كالعدالة والاجتهاد، فلا يجب عليه الفحص، ويجوز له البناء على بقاء حالته الأولى.
(مسألة 21) إذا عرض للمجتهد ما يوجب فقد الشرائط من فسق أو جنون أو نسيان، وجب العدول إلى جامع الشرائط ولا يجوز البقاء على تقليده، كما أنه لو قلد من لم يكن جامعا للشرائط ومضى عليه برهة من الزمان، كان كمن لم يقلد أصلا، فحاله كحال الجاهل القاصر أو المقصر.
(مسألة 22) يثبت الاجتهاد بالاختبار، وبالشياع المفيد للعلم، وبشهادة العدلين الخبيرين، وكذا الأعلمية. ولا يجوز تقليد من لا يعلم إنه بلغ رتبة الاجتهاد وإن كان من أهل العلم، كما أنه يجب على غير المجتهد أن يقلد أو يحتاط وإن كان من أهل العلم وقريبا من الاجتهاد.
(مسألة 23) عمل الجاهل المقصر الملتفت من دون تقليد باطل، وإن طابق الواقع، إذا كان عباديا ولم يتحقق معه قصد القربة. أما عمل الجاهل القاصر أو المقصر الغافل مع تحقق قصد القربة، فصحيح إن كان مطابقا للواقع، وطريق معرفة ذلك مطابقته لفتوى من يجب عليه تقليده.
(مسألة 24) كيفية أخذ المسائل من المجتهد على أنحاء ثلاثة، الأول:
السماع منه. الثاني: نقل عدلين أو عدل واحد عنه، بل الظاهر كفاية نقل
مخ ۱۰
شخص واحد إذا كان ثقة يطمأن بقوله. الثالث: الرجوع إلى رسالته إذا كانت مأمونة من الغلط.
(مسألة 25) إذا اختلف ناقلان في نقل فتوى المجتهد يؤخذ بقول أوثقهما، ومع تساويهما في الوثاقة يتساقط النقلان، فإذا لم يمكن الرجوع إلى المجتهد أو رسالته يعمل بما وافق الاحتياط من الفتويين، أو يعمل بالاحتياط.
(مسألة 26) يجب تعلم مسائل الشك والسهو وغيرها مما هو محل ابتلاء غالبا، كما يجب تعلم أجزاء العبادات وشرائطها وموانعها ومقدماتها. نعم لو علم إجمالا أن عمله واجد لجميع الأجزاء والشرائط وفاقد للموانع صح وإن لم يعلم ذلك تفصيلا. وكذا إذا اطمأن بذلك، أو لم يطمئن ولكن أتى به برجاء أن لا يحدث له الشك فلم يحدث، أو حدث وعمل برجاء أن يطابق عمله وظيفته فطابقها.
(مسألة 27) إذا علم أنه كان في عباداته بلا تقليد مدة من الزمان ولم يعلم مقداره، فإن علم بمطابقتها لفتوى المجتهد الذي رجع إليه فهو، وإلا فالأحوط أن يقضي الأعمال السابقة بمقدار يعلم معه بالبراءة، وإن كان لا يبعد جواز الاكتفاء بالقدر المتيقن.
(مسألة 28) إذا كانت أعماله السابقة عن تقليد، ولا يعلم أنه كان تقليدا صحيحا أم فاسدا، يبني على الصحة.
(مسألة 29) إذا مضت مدة من بلوغه وشك بعد ذلك في أن أعماله كانت عن تقليد صحيح أم لا، يجوز له البناء على الصحة في أعماله السابقة، وفي اللاحقة يجب عليه التصحيح فعلا.
(مسألة 30) يعتبر في المفتي والقاضي العدالة، وتثبت بشهادة عدلين، وبالمعاشرة المفيدة للعلم أو الاطمئنان، وبالشياع المفيد للعلم.
(مسألة 31) العدالة عبارة عن (ملكة راسخة باعثة على ملازمة التقوى
مخ ۱۱
من ترك المحرمات وفعل الواجبات) وتعرف بحسن الظاهر ومواظبة الشخص ظاهرا على الشرعيات والطاعات من حضور الجماعات وغيره، مما يكشف عن الملكة وحسن الباطن علما أو ظنا. بل الظاهر كفاية حسن ظاهر الشخص وإن لم يورث ذلك ظنا بالملكة.
(مسألة 32) تزول صفة العدالة بارتكاب الكبائر أو الاصرار على الصغائر، وتعود بالتوبة إذا كانت الملكة المذكورة باقية.
(مسألة 33) إذا نقل شخص فتوى المجتهد خطأ يجب عليه إعلام من تعلم منه.
(مسألة 34) إذا حدث له إثناء الصلاة مسألة لا يعلم حكمها ولم يتمكن حينئذ من استعلامها، بنى على أحد الطرفين بقصد أن يسأل عنها بعد الصلاة وأن يعيدها إذا ظهر أن ما أتى به خلاف الواقع، فإن فعل ذلك وظهرت المطابقة صحت صلاته.
(مسألة 35) الوكيل في عمل عن الغير كإجراء عقد أو إيقاع، أو أداء خمس أو زكاة أو كفارة أو نحوها، يجب عليه أن يعمل بمقتضى تقليد الموكل لا تقليد نفسه إذا كانا مختلفين، بخلاف الوصي على استئجار الصلاة عن الميت مثلا فيجب أن يستأجر على وفق فتوى مجتهده لا مجتهد الميت، هذا إذا كان وصيا لاستئجار صلاة صحيحة مثلا، وأما إن كان وصيا لاستيجار صلاة بكيفية خاصة، فلا يجوز له التخطي عنها، وكذلك الأجير.
(مسألة 36) إذا وقعت معاملة بين شخصين وكان أحدهما مقلدا لمن يقول بصحتها والآخر مقلدا لمن يقول ببطلانها، وجب على كل منهما مراعاة فتوى مجتهده، فلو وقع نزاع بينهما ترافعا إلى أحد المجتهدين أو إلى مجتهد آخر، فيحكم بينهما على طبق فتواه، وينفذ حكمه على الطرفين. وكذا الحال في الايقاع المتعلق بشخصين كالطلاق والعتق ونحوهما.
مخ ۱۲
(مسألة 37) الاحتياط المطلق في مقام الفتوى إذا لم تسبقه فتوى على خلافه ولم تلحقه، لا يجوز تركه، بل يجب إما العمل بالاحتياط أو الرجوع إلى الغير، الأعلم فالأعلم. وأما إذا كان الاحتياط مسبوقا بفتوى على خلافه، كما لو قال بعد الفتوى في المسألة: وإن كان الأحوط كذا، أو ملحوقا بفتوى على خلافه، كما لو قال: الأحوط كذا وإن كان الحكم كذا، أو: وإن كان الأقوى كذا. وكذا إذا كان مقرونا بما يظهر منه الاستحباب بأن كان فيه كلمة (الأولى) كما لو قال: الأولى والأحوط كذا أو: الأحوط الأولى كذا، جاز في هذه الموارد ترك الاحتياط، وكذا إذا أفتى في المسألة لكن قال: لا ينبغي تركه أو: ولكن لا يترك، فهو احتياط استحبابي مؤكد، ليس وجوبيا.
مخ ۱۳
كتاب الطهارة أحكام المياه (مسألة 38) الماء إما مطلق أو مضاف كالمعتصر من الأجسام كماء الرمان، والممتزج بغيره بحيث يخرج عن صدق اسم الماء كماء السكر والملح. والمطلق أقسام: الجاري، والنابع بغير جريان، والبئر، والمطر، والواقف ويقال له الراكد.
(مسألة 39) الماء المضاف طاهر في نفسه وغير مطهر لا من الحدث ولا من الخبث، ولو لاقى نجسا ينجس جميعه وإن كان ألف كر، نعم إذا كان جاريا من العالي إلى السافل أو مندفعا عن قوة ولو من السافل كالفوارة، ولاقى أسفله النجاسة، اختصت النجاسة بموضع الملاقاة وما بعده، ولم تسر إلى ما قبله.
(مسألة 40) الماء المطلق لا يخرج بالتبخير عن الاطلاق. نعم لو مزج معه غيره ولم يصدق عليه الماء المطلق وبخر يصير مضافا كماء الورد ونحوه، كما أن المضاف المبخر قد يكون مضافا، ولا تخفى مصاديقه.
(مسألة 41) إذا شك في مائع أنه مطلق أو مضاف، فإن علم حالته السابقة بنى عليها، وإلا فلا يرفع حدثا ولا خبثا. وإذا لاقى النجاسة فإن
مخ ۱۴
كان قليلا ينجس قطعا، وإن كان كثيرا فالظاهر أنه يحكم بطهارته.
(مسألة 42) الماء المطلق بجميع أقسامه يتنجس إذا تغير أحد أوصافه:
اللون والطعم والرائحة، بسبب ملاقاته النجاسة. ولا يتنجس بالتغير بالمجاورة كما إذا كان قريبا من جيفة فصار جائفا، نعم إذا كانت الجيفة خارج الماء وكان جزء منها في الماء وتغير بسبب مجموعهما، تنجس على الأحوط.
(مسألة 43) المعتبر تأثر الماء بأوصاف النجاسة لا المتنجس، فإذا احمر الماء الكثير المعتصم بالصبغ الأحمر المتنجس، لا ينجس.
(مسألة 44) المناط تغير أحد الأوصاف الثلاثة بسبب النجاسة، وإن كان الأثر من غير نوع وصف النجس، فلو اصفر الماء مثلا بوقوع الدم فيه، تنجس.
(مسألة 45) إذا وقع في الماء المعتصم متنجس حامل وصف النجس فغيره وصدق عليه أنه تغير بالنجاسة، تنجس على الأقوى، كما إذا وقعت ميتة في ماء فغيرت رائحته ثم أخرجت منه وصب ذلك الماء في كر فغير رائحته.
(مسألة 46) الماء الجاري، وهو النابع السائل، لا ينجس بملاقاة النجس، كثيرا كان أو قليلا، ويلحق به النابع الواقف كبعض العيون، وكذلك البئر على الأقوى، فلا تنجس هذه المياه إلا بالتغير كما مر.
(مسألة 47) الراكد المتصل بالجاري بحكم الجاري، فالغدير المتصل بالنهر، بساقية ونحوها، كالنهر، وكذا أطراف النهر، وإن كان ماؤها واقفا.
(مسألة 48) إذا تنجس الجاري وما في حكمه بالتغير ثم زال تغيره ولو من قبل نفسه، فالأحوط في تطهيره اعتبار امتزاجه بالمعتصم، وكذا تطهير مطلق المياه.
مخ ۱۵
(مسألة 49) الراكد بلا مادة ينجس بملاقاة النجس إذا كان دون الكر، سواء كان واردا على النجاسة أو مورودا، إلا في الغسالة كما يأتي.
ويطهر بالاتصال بماء معتصم كالجاري والكر وماء المطر، لكن مع الامتزاج على الأحوط كما ذكرنا.
(مسألة 50) إذا كان الماء قليلا وشك في أن له مادة أم لا، فإن كان سابقا ذا مادة وشك في انقطاعها يبني على الحالة الأولى، وإن لم يكن كذلك يحكم بنجاسته بملاقاة النجاسة على الأحوط، وإن كان الأقوى طهارته.
(مسألة 51) الراكد إذا بلغ كرا، لا ينجس بالملاقاة إلا بالتغير.
(مسألة 52) إذا تغير بعض الماء وكان الباقي كرا يبقى غير المتغير على طهارته. ويطهر المتغير إذا زال تغيره باتصاله بالباقي الذي يكون كرا، لكن مع الامتزاج على الأحوط. وإذا كان الباقي أقل من كر ينجس الجميع، المتغير بالتغير، والباقي بالملاقاة.
(مسألة 53) يقدر الكر بالوزن وبالمساحة. أما بحسب الوزن فهو ألف ومائتا رطل بالعراقي، يعادل ثلاث مئة وأربعة وتسعين كيلو غراما تقريبا.
وأما بحسب المساحة فهو ما بلغ مكسره، أي حاصل ضرب أبعاده الثلاثة بعضها في بعض، ثلاثة وأربعين شبرا إلا ثمن الشبر على الأقوى كما هو المشهور. ويبلغ بالكيلو على ما أخبر به أهل الخبرة ثلاث مئة وأربعة وتسعون (394) كيلو غرام تقريبا.
(مسألة 54) الماء المشكوك الكرية إن علمت حالته السابقة يبنى عليها، وإلا فالأقوى عدم تنجسه بالملاقاة، وإن لم تجر عليه بقية أحكام الكر.
(مسألة 55) إذا كان الماء قليلا فصار كرا ولاقى النجاسة، ولم يعلم سبق الملاقاة على الكرية أو العكس، يحكم بطهارته، إلا إذا علم تاريخ
مخ ۱۶
الملاقاة ولم يعلم تاريخ الكرية. وأما إذا كان الماء كرا فصار قليلا ولاقى النجاسة ولم يعلم سبق الملاقاة على القلة أو العكس، فالظاهر الحكم بطهارته مطلقا، حتى فيما إذا علم تاريخ القلة.
(مسألة 56) ماء المطر حال نزوله من السماء كالجاري، فلا ينجس ما لم يتغير، والأحوط اعتبار كونه بمقدار يجري على الأرض الصلبة، وإن كان كفاية صدق المطر عليه لا يخلو من قوة.
(مسألة 57) المراد بماء المطر الذي لا يتنجس إلا بالتغير، القطرات النازلة والمجتمع منها تحت المطر حال تقاطره عليها، وكذا المجتمع المتصل بما يتقاطر عليه المطر، فالماء الجاري من الميزاب تحت سقف حال نزول المطر، كالماء المجتمع فوق السطح المتقاطر عليه المطر.
(مسألة 58) يطهر المطر كل ما أصابه من المتنجسات القابلة للتطهير، مثل الأرض والفرش والأواني والماء، لكن مع الامتزاج فيه على الأحوط كما مر. كما أنه لا يحتاج في الفرش إلى العصر والتعدد، بل لا يحتاج في الأواني أيضا إلى التعدد. نعم إذا كان متنجسا بولوغ الكلب، فالأقوى أن يعفر أولا ثم يوضع تحت المطر، فإذا نزل عليه، يطهر من دون حاجة إلى التعدد.
(مسألة 59) الفرش النجس إذا وصل المطر إلى جميع أجزائه ونفذ فيها، تطهر كلها ظاهرا وباطنا، وإذا أصاب بعضها يطهر ذلك البعض، وإذا أصاب ظاهره ولم ينفذ فيه، يطهر ظاهره فقط.
(مسألة 60) إذا كان السطح نجسا فنفذ فيه الماء وتقاطر حال نزول المطر، فهو طاهر ولو كانت عين النجس موجودة على السطح ومر عنها الماء المتقاطر. وكذا المتقاطر بعد انقطاع المطر إذا احتمل كونه من الماء
مخ ۱۷
المحتبس في أعماق السقف، أو كونه غير مار على عين النجس أو المتنجس بعد انقطاع المطر. نعم إذا علم إنه من الماء المار على عين النجس بعد انقطاع المطر، يكون نجسا.
(مسألة 61) الماء الراكد النجس، يطهر بنزول المطر عليه وبالاتصال بماء معتصم كالكر والجاري، مع الامتزاج على الأحوط كما مر. ولا يعتبر في الاتصال كيفية خاصة، بل المدار على مطلقه، ولو بساقية أو ثقب بينهما. كما لا يعتبر علو المعتصم أو تساويه مع الماء النجس، نعم لو كان النجس جاريا من فوق على المعتصم، فالظاهر عدم كفاية هذا الاتصال في طهارة ما فوقه في حال جريانه عليه.
(مسألة 62) لا إشكال في كون الماء المستعمل في الوضوء طاهرا ومطهرا للحدث والخبث، كما لا إشكال في كون المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهرا ومطهرا للخبث، بل الأقوى كونه مطهرا للحدث أيضا.
(مسألة 63) الماء المستعمل في رفع الخبث المسمى بالغسالة، طاهر فيما لا يحتاج إلى تعدد، وفي الغسلة الأخيرة فيما يحتاج التعدد، والأقوى الاجتناب في الغسلة المزيلة لعين النجاسة.
(مسألة 64) ماء الاستنجاء سواء كان من البول أو الغائط، طاهر إذا لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة، ولم يكن فيه أجزاء متميزة من الغائط، ولم تتعد النجاسة عن المخرج تعديا فاحشا، على وجه لا يصدق معه الاستنجاء، ولم يصل إليه نجاسة من خارج. ومثله ما إذا خرج مع البول أو الغائط نجاسة أخرى مثل الدم. نعم الدم الذي يعد جزءا من البول أو الغائط إذا كان مستهلكا فلا إشكال فيه، وإلا ففيه إشكال والأحوط الاجتناب.
(مسألة 65) لا يشترط في طهارة ماء الاستنجاء أن يسبق الماء اليد، وإن
مخ ۱۸
كان أحوط.
(مسألة 66) إذا اشتبه نجس بين أطراف محصورة كإناء في عشرة، يجب الاجتناب عن الجميع، لكن إذا لاقي شئ بعض الأطراف، لا يحكم بنجاسته إلا إذا كانت الحالة السابقة في ذلك البعض النجاسة، فالأحوط إن لم يكن أقوى حينئذ الحكم بنجاسة الملاقي.
(مسألة 67) إذا أريق أحد الإنائين المشتبهين، يجب الاجتناب عن الآخر.
أحكام التخلي (مسألة 68) يجب في حال التخلي كسائر الأحوال، ستر العورة عن الناظر المحترم، رجلا كان أو امرأة، حتى المجنون إذا كان مميزا، أو الطفل المميز. كما يحرم النظر إلى عورة الغير ولو كان المنظور مجنونا أو طفلا مميزا. نعم لا يجب سترها عن غير المميز، كما يجوز النظر إلى عورته، وكذا الحال في الزوجين والمالك ومملوكته، ناظرا ومنظورا.
(مسألة 69) العورة في المرأة هنا القبل والدبر (وسيأتي حكم المرأة) وفي الرجل هما مع البيضتين، وليس منها الفخذان ولا الأليتان، بل ولا العانة ولا العجان، بل ولا الشعر النابت أطراف العورة على الأقوى خاصة البعيد منه. نعم يستحب ستر ما بين السرة إلى الركبة بل إلى نصف الساق.
(مسألة 70) لا يشترط في الستر الواجب نوع معين من الساتر، فيكفي بكل ما يستر.
مخ ۱۹
(مسألة 71) لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الزجاج، بل ولا في المرآة والماء الصافي ونحوهما.
(مسألة 72) إذا اضطر إلى النظر إلى عورة الغير للعلاج مثلا، فالأحوط أن ينظر إليها في المرآة المقابلة لها، إن ارتفع الاضطرار بذلك، وإلا فلا مانع.
(مسألة 73) يحرم في حال التخلي استدبار القبلة واستقبالها بمقاديم بدنه، وإن أمال العورة عنها، والمدار في الحرمة صدق الاستقبال والاستدبار عرفا، والأحوط ترك الاستقبال بعورته فقط، وإن لم يكن بمقاديم بدنه.
(مسألة 74) الأقوى حرمة الاستقبال والاستدبار في حال الاستبراء حال نزول ما بقي، والأقوى عدم الحرمة حال الاستنجاء، وإن كان الأحوط الترك.
(مسألة 75) إذا اضطر إلى أحدهما تخير، والأحوط اختيار الاستدبار.
ولو دار أمره بين أحدهما وترك الستر عن الناظر، رجح الستر.
(مسألة 76) إذا اشتبهت القبلة بين الجهات ويئس عن تمييزها وتعسر التأخير إلى أن يميزها تخير بينها، ولا يبعد جواز العمل بالظن عند الاضطرار والحرج.
الاستنجاء (مسألة 77) يجب غسل مخرج البول بالماء القليل مرتين على الأحوط، والأفضل ثلاثا، ولا يجزي غير الماء. ويتخير في مخرج الغائط بين الغسل بالماء والمسح بشئ قالع للنجاسة كالحجر والمدر والخرق
مخ ۲۰
وغيرها، والغسل أفضل، والجمع بينهما أكمل. ولا يعتبر في الغسل التعدد بل الحد النقاء. وفي المسح لا بد من ثلاث وإن حصل النقاء بالأقل على الأحوط، وإذا لم يحصل النقاء بالثلاث فإلى النقاء.
(مسألة 78) لا يترك الاحتياط بلزوم تعدد ما يمسح به، فلا يكفي ذو الجهات الثلاث. ويعتبر فيه الطهارة، فلا يجزي النجس ولا المتنجس قبل تطهيره. ويعتبر أن لا يكون فيه رطوبة مسرية، فلا يجزي الطين والخرقة المبلولة. نعم لا تضر النداوة التي لا تسري.
(مسألة 79) يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر، أي الأجزاء الصغار التي لا ترى، وفي المسح يكفي إزالة العين، ولا يضر بقاء الأثر.
(مسألة 80) إنما يكتفي بالمسح في الغائط إذا لم يتعد المخرج، على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء ولم يكن في المحل نجاسة من الخارج، أما إذا خرج مع الغائط نجاسة أخرى كالدم، فيتعين الغسل بالماء.
(مسألة 81) يحرم الاستنجاء بالمحترمات، أما العظم والروث، فالحكم بالحرمة بهما مشكل، وكذا الحكم بتحقق التطهير بهما.
(مسألة 82) لا يجب الدلك باليد في مخرج البول، نعم إذا احتمل خروج المذي معه، فلا يترك الاحتياط بالدلك في هذه الصورة.
الاستبراء (مسألة 83) الظاهر أنه لا يتعين كيفية خاصة للاستبراء من البول، ولكن لا بأس بالعمل بما ورد في كلمات بعض الفقهاء، وهو أن يمسح بقوة ما بين المقعد وأصل الذكر ثلاثا، ثم يضع سبابته مثلا تحت الذكر وإبهامه فوقه ويمسح بقوة إلى رأسه ثلاثا، ثم يعصر رأسه ثلاثا. فإذا رأى بعد
مخ ۲۱