توجد لم يوجد الوجوب حتى يترشح وجوب آخر إلى مقدمته ، وإذا وجدت فما معنى وجوبها وطلبها بعد وجودها وحصولها؟
ومقدمة العلم أيضا خارجة عن محط البحث ، فإنه عن وجوب مقدمة الواجب لا مقدمة حصول العلم بتحقق الواجب خارجا ، كالصلاة إلى أربع جهات مقدمة للعلم بإتيان الصلاة إلى القبلة.
بقي الكلام في تقسيمها إلى المتقدمة والمقارنة والمتأخرة ، وصحة هذا التقسيم مبنية على معقولية الشرط المتأخر ، فلا بد من صرف عنان الكلام إليها ، فنقول : قد تعرض صاحب الكفاية (1) قدسسره للإشكال وقربه بوجهين :
الأول : ما يظهر من صدر عبارته ، وهو أن العلة يجب أن تكون بتمام أجزائها مقدمة على المعلول ، ولا يعقل تأخر شيء منها عنه.
الثاني : ما يظهر من ذيل عبارته وهو : أن التقارن الزماني بين العلة والمعلول مما لا محيص عنه ، ولا يعقل تقدمها ولا تأخرها عنه زمانا ، إذ في صورة التقدم يلزم تخلف المعلول عن العلة ، وفي صورة التأخر يلزم وجود المعلول بلا علة ، والمقام من قبيل الثاني ، لكن لا ينحصر الإشكال بالشرط المتأخر ، بل يجري في الشرط المتقدم أيضا وكذا المركب المتصرم بعض أجزائه حين تحقق الأثر.
وربما يتوهم فساد التقريب الأول لأجل أنه ثبت استحالة تأخر ما هو متقدم رتبة عن شيء متأخر عنه رتبة ، ومحل الكلام تأخر ما هو متقدم زمانا عما هو متأخر كذلك ، والدليل المذكور لا يثبت هذا المدعى ، إذ من الممكن أن يكون الشيء متقدما على شيء رتبة ومتأخرا بنحو آخر من أنحاء التأخر ، فإن
مخ ۱۲