بداهة أنهما أمران ينتزعان من الإطاعة والمعصية المترتبتان على العمل بما أمر به المولى أو بخلافه ، عن إرادة وشعور ، ولا يصح إطلاقهما على من لم يعمل عن إرادة وشعور ، فكيف بمن كان في بطن أمه ، فلا بد من العناية في الحمل ، وأن يكون باعتبار وجود المقتضي للسعادة من الصفات الحسنة التي هي جنود الإله ، ووجود المقتضي للشقاوة من الصفات الرذيلة الخبيثة التي هي جنود الشيطان والنفس الأمارة ، سواء قلنا بالجبر أو التفويض أو الأمر بين الأمرين ، وهذا كإطلاق النار على الحطب ، لما فيه من اقتضاء النارية ، فالرواية لا تدل على الجبر بوجه من الوجوه.
وأما حديث «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة» (1) فأجنبي عن المقام جدا ، فإن الظاهر منه والله العالم أن الناس مختلفون في القوة الظاهرة والباطنة والعقل اختلافا شديدا ، وهذا مما يختص بالإنسان ، إذ غيره لا يختلف في نوع واحد منه أصلا ، أو ليس بهذه الكثرة والشدة ، كاختلاف معادن الذهب والفضة.
** وهم ودفع :
أما الوهم : فهو أنه لا بد في الفعل العبادي أن يكون قربيا وصادرا عن إرادة ، وهذا ينافي ما ذكر من أن الإرادة ليست بعلة للفعل ولا تامة التأثير فيه ، بل العلة التامة وما يكون مؤثرا في الفعل
مخ ۲۱۶