205

بالذات ، وإلا خرج الممكن بالذات عن كونه ممكنا بالذات ، بل لا بد له من موجد يوجده ، أما كونه علة تامة له بحيث لا ينفك عنه فلا ، فحينئذ فعل النفس الذي سميناه بالاختيار أو إعمال القدرة أو حملة النفس أو المشيئة أو غير ذلك من الألفاظ

عباراتنا شتى وحسنك واحد

وكل إلى ذاك الجمال يشير

فعل اختياري صادر عن النفس بلا واسطة في البين ، وهو مقدور لها بحيث يمكنها أن تعمل قدرتها وأن لا تعمل ، بخلاف سائر الأفعال ، فإنها صادرة عن النفس بواسطة هذا الفعل الاختياري ، وهذا معنى قوله عليه السلام : «خلق الله الأشياء بالمشيئة والمشيئة بنفسها» (1).

والحاصل : أن علة الفعل ليست هي الشوق بل هي الاختيار ، والشوق ليس إلا باعثا ومحركا للنفس وداعيا للاختيار ، وهو فعل من أفعال النفس يصدر عنها بلا واسطة ، ولها أن تختار وأن لا تختار ، فهو مقدور لها وفعلها.

ونظيره علم النفس بالأشياء ، فإنه بواسطة الصورة الحاصلة منها في النفس ، وأما علمها بهذه الصورة فهو بنفسها لا بواسطة صورة أخرى.

ولو قلنا بقهرية الأفعال المعلولة للاختيار ولم نكتف في اختيارية الاختيار بمقدوريته للنفس وصدوره عنها ، وجب أن نقول

مخ ۲۰۸