170

قبله تعالى مع عدم كونه مجبورا على إيجاده ، يطلق عليه «القادر» وهكذا.

عباراتنا شتى وحسنك واحد

وكل إلى ذاك الجمال يشير

والحاصل : أن انتزاع هذه العناوين من ذات الباري تعالى لا ينافي بساطته من جميع الجهات وخلوه من أية شائبة نقص وتركيب ، لأن الأمور الواقعية النفس الأمرية التي لها واقعية مع قطع النظر عن اعتبار معتبر وفرض فارض ، وينتزع منها مفاهيم وعناوين لا تنحصر بالمقولات ، بل تعم المعدومات والممتنعات والملازمات ، فقولنا : «العدم معدوم» قضية لها واقعية ، وهكذا «الدور أو التسلسل مستحيل» و «طلوع الشمس ملازم لوجود النهار» ومن هذا القبيل قولنا : «الإنسان غير الحيوان» فإن كل ذلك من الأمور النفس الأمرية ، مع أنه لا يدخل تحت مقولة من المقولات ، فكما يدرك الإنسان أنه هو لا غيره كما قيل : إن كل ذي إدراك أول ما يدركه أنه هو لا غيره وهذا أمر واقعي لا فرضي ، كذلك يدرك الملازمة بين طلوع الشمس ووجود النهار مع عدم وجود شيء منهما ، فانتزاع عنوان من شيء لا يلازم أن يكون باعتبار وجود صفة أو عرض فيه ، بل اللازم أن يكون باعتبار أمر له واقعية ولو لم يدخل تحت المقولات أصلا.

فظهر أن ذات الباري تعالى مع بساطتها ووحدتها من جميع الجهات بما أنه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض

مخ ۱۷۲