بِقَدْرِهَا. فَإِنْ قَرَأَ بِمَا يَخْرُجُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ (١) كَقِرَاءةِ ابنِ مَسْعُودٍ (٢)، وغَيْرِهِ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ. وعَنْهُ: أنَّهَا تَصِحُّ (٣). فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ بالعَرَبيَّةِ؛ لَكِنْ قَدَرَ أنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ بِلُغَةٍ أُخْرَى؛ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَلَزِمَهُ أنْ يَقُولَ: «سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ، ولا إِلَهَ إلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، ولاَ حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ باللهِ» (٤). فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ الذِّكْرِ، وقَفَ بِقَدَرِ /٢٥ و/ القِرَاءةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، ويَرْكَعُ مُكَبِّرًا؛ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ويَمُدُّ ظَهْرَهُ مُسْتَوِيًا، ويَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالَ ظَهْرِهِ ولاَ يَرْفَعُهُ ولاَ يَخْفِضُهُ، ويُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ. وقَدَرُ الإجْزَاءِ: الانْحِنَاءُ حَتَّى يُمْكِنَهُ مَسُّ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ، ويَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيْمِ» - ثَلاَثًا - وَهُوَ أدْنَى الكَمَالِ. ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَائِلًا: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ؛ فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا؛ قَالَ: «رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ مِلءَ السَّمَاءِ ومِلءَ الأرْضِ ومِلءَ ما شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» - لا يَزِيْدُ عَلَى ذَلِكَ - فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا؛ فقالَ أصْحَابُنا: لاَ يَزِيْدُ عَلَى قَوْلِ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ.
وعِنْدِي: أنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ كَالإِمَامِ، والمُنْفَرِدِ (٥). ثُمَّ يُكَبِّرُ ويَخِرُّ سَاجِدًا؛ فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ عَلَى الأرْضِ، ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ، ويَجْعَلُ صُدُوْرَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ عَلَى الأرْضِ (٦).
والسُّجُودُ عَلَى جَمِيْعِ هَذِهِ الأعْضَاءِ وَاجِبٌ إلاَّ الأَنْفَ؛ فَإِنَّهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٧)، ولاَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ المُصَلَّى بِشَيءٍ مِنَ الأَعْضَاءِ إِلاَّ الجَبْهَةَ؛ فَإِنَّهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٨).
_________
(١) هُوَ عثمان بن عفان ﵁ ثالث الخلفاء الراشدين، كان قد جمع القرآن في عهده، وَقَدْ ثبت رسم المصحف عَلَى ما أمره عثمان بن عفان ﵁ إلى الآن.
(٢) هُوَ عَبْد الله بن مسعود ﵁، صَحَابِيّ جليل توفي ٣٣هـ، انظر: السير: ١/ ٤٦١، واعتبرت قراءته من القراءات الشاذة. والقراءة الشاذة: هي كُلّ قراءة أخلت بالشروط الثلاثة - التِي وضعها العلماء، وهي: صحة الرواية، وموافقة الرسم العثماني، وموافقة العربية وَلَوْ بوجه - أو أحدها.
واختلف العلماء في حكم القراءة بالقراءات الشاذة في الصلاة، فأكثر أهل العلم يرون عدم جواز القراءة بها. انظر: النشر ١/ ١٤، ومعجم القراءات القرآنية ١/ ١١٣.
(٣) انظر: الروايتين والوجهين (ق ١٦/أ). وعلّل الجواز باستفاضة قراءة عبد الله بن مسعود ﵁.
(٤) لأنه جاء رجل إلى النبي ﷺ، فَقَالَ: لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا، فَعَلِّمْني ما يجزيني، قال:
«قل: ... الخ». أخرجه أحمد ٤/ ٣٥٦ (١٨٦١٧)، وأبو داود (٨٣٢)، وابن خزيمة (٥٤٤)، وابن حبان (١٨٠٥).
(٥) جاء في الروايتين والوجهين ١٦/ أ - ب، أن الرواية اختلفت في المنفرد، هل يقول ذلك؟
(٦) انظر: لزامًا أثر اختلاف المتون والأسانيد في اختلاف الفقهاء: ٥٤١ - ٥٥١.
(٧) انظر: الروايتين والوجهين ١٦ / ب.
(٨) انظر: الروايتين والوجهين ١٧ / ب، وفيه: أن رواية المباشرة يمكن أن تُحمل على طريق الاختيار والاستحباب.
1 / 83