وَيُؤَذِّنُ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ (١). وَيَجْعَلُ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً على أُذُنَيْهِ (٢)، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، فَإِذَا بَلَغَ الْحَيْعَلَةَ الْتَفَتَ يَمِيْنًا وَشَمَالًا (٣)، وَلَمْ يُزِلْ قَدَمَيْهِ عَنْ مَوْضِعِهِمَا، وَلَمْ يَسْتَدْبِرِ القِبْلَةَ، ويُقِيْمُ في مَوْضِعِ أَذَانِهِ؛ إِلاَّ أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، مِثْل أن يَكُونَ قد أَذَّنَ في الْمَنَارَةِ. ولا يُجْهِدُ نَفْسَهُ في رَفْعِ صَوْتِهِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ.
وَلاَ يَقْطَعُ الأَذَانَ بِكَلامٍ، وَلا غَيْرِهِ؛ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَكَانَ كَثِيْرًا، أوَ كَانَ الكَلاَمُ سبًّا، أَوْ مَا أشْبَهَهُ؛ لَمْ يعتدَّ بِأذَانِهِ. ولا يُعْتَدُّ بِأذَانِ الفَاسِقِ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، ويُعْتَدُّ بِهِ في الآخِرِ (٤)؛ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إِمَامَتِهِ، وكَذَلِكَ في الأَذَانِ الْمُلَحَّنِ وَجْهَانِ (٥).
وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الأَذَانِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القَائِمَةِ؛ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيْلَةَ، والفَضِيْلَةَ، وابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُوْدَ الَّذي وَعَدْتَهُ. واسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ بِكَأسِهِ مشربًا هَنِيئًا سَائِغًا رَوِيًّا، غَيْرَ خَزَايَا وَلا نَاكِثِيْنَ بِرَحْمَتِكَ» (٦).
وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ كَما يَقُولُ؛ إلاَّ في الْحَيْعَلَةِ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ: لا حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ (٧). وَيَقُولُ في كَلِمَةِ الإِقَامَةِ: «أَقَامَهَا اللهُ وأَدَامَهَا مَا دَامَتِ
_________
= فأذنت، فأَراد بلال أن يقيم، فَقَالَ رَسُوْل الله ﷺ: «إن أخا صداءٍ قد أذن، ومَنْ أذّن، فَهُوَ يقيم».
أخرجه أحمد ٤/ ١٦٩، وأبو دَاوُد (٥١٤)، والترمذي (١٩٩)، والبيهقي ١/ ٣٩٩.
(١) فَقَدْ روي أنّ «بلالًا كَانَ يؤذن عَلَى سطح امرأةٍ من بني النجار، بيتها من أطول بيت حول المسجد». رَواهُ أبو دَاوُد (٥١٩)، والبيهقي ١/ ٤٢٥.
(٢) لقول أبي جحيفة: «إنَّ بلالًا وَضَعَ إصْبَعيه في أذنيه». رَواهُ أحمد ٤/ ٣٠٨، والترمذي (١٩٧)، وَقَالَ: «حَدِيث حَسَن صَحِيْح».
(٣) لقول أبي جحيفة: «رأيت بلالًا يؤذن، فجعلت أتتبع فاه هاهنا، وهاهنا، يَقُول يمينًا وشمالًا حيَّ عَلَى الصَّلاَة، حيَّ عَلَى الفلاح». أخرجه البُخَارِيّ ١/ ١٦٣ (٦٣٣)، وَمُسْلِم ٢/ ٥٦ (٢٤٩) (٥٠٣).
(٤) انظر: المقنع: ٢٣، والمحرر ١/ ٣٨.
(٥) انظر: المقنع: ٢٣، والمحرر ١/ ٣٨.
(٦) من قوله: «واسقنا» إلى قوله «برحمتك» زيادة من المصنف. والحديث إلى قوله: «وعدته» أخرجه البُخَارِيّ ١/ ١٥٩ (٦١٤)، وأبو دَاوُد (٥٢٩)، والبيهقي ١/ ٤١٠.
(٧) لحديث النَّبيّ ﷺ: «إذَا قَالَ المؤذن: الله أكبر، الله أكبر، فَقَالَ أحدكم: الله أكبر، الله أكبر، ثُمَّ قَالَ: أشهد أن لا إله إلا الله، قَالَ: أشهد أن لا إله إلا الله، ثُمَّ قَالَ أشهد أنَّ محمدًا رَسُوْل الله، قَالَ أشهد أن محمدًا رَسُوْل الله، ثُمَّ قَالَ حي عَلَى الصَّلاَة، قَالَ: لا حول ولا قُوَّة إلا بالله، ثُمَّ قَالَ: حي عَلَى الفلاح، قَالَ: لا حول ولا قُوَّة إلا بالله، ثُمَّ قَالَ: الله أكبر الله أكبر، قَالَ: الله أكبر، الله أكبر، ثُمَّ قَالَ: لا إله إلا الله، قَالَ: لا إله إلا الله من قلبه، دخل الجنة». رَواهُ البُخَارِيّ ١/ ١٥٩ (٦١٣)، وَمُسْلِم ٢/ ٤ (٣٨٥) (١٢)، والبيهقي ١/ ٤٠٩.
1 / 74