العُيُونِ (١) وارتَادَ مَوْضِعًا رَخْوًا لِبَوْلِهِ (٢)، ولَمْ يَسْتَقْبِلِ الشَّمْسَ، ولاَ القَمَرَ، ولاَ يَبُوْلُ في شِقٍّ ولاَ سَرَبٍ، ولاَ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ، ولاَ في ظِلٍّ، ولاَ قارِعَةِ طَرِيْقٍ (٣).
وإذا أرَادَ الاسْتِنْجَاءَ تَحَوَّلَ عَنْ مَوْضِعِهِ.
والاسْتِنْجَاءُ واجِبٌ في كُلِّ ما يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيْلَيْنِ إلاَّ الرِّيْحَ، والأفْضَلُ أنْ يَبْدَأَ فيهِ بالقُبُلِ وَيَسْتَجْمِرَ بالحَجَرِ، ثُمَّ يُتْبِعَهُ الماءَ، فإنْ أرادَ الاقْتِصَارَ عَلَى أحدِهِما، فالْمَاءُ أفْضَلُ، فَإنْ عَدَلَ عَنِ الماءِ إلى الحَجَرِ أَجْزَأَهُ ولاَ يُجْزِئُ أقَلُّ مِنْ ثَلاثِ مَسَحَاتٍ، وإنْ نَقى بدُونِها لَمْ يُجْزِهِ، فإنْ لَمْ تَزَلْ العيْنُ بالثَّلاَثِ زادَ حَتَّى يَنْقَى، وصِفَةُ مَا يَجُوزُ بهِ الاسْتِجْمَارُ أنْ يَكُونَ جامِدًا طَاهِرًا مُنْقِيًا غَيرَ مَطْعُومٍ لاَ حُرْمَةَ لَهُ ولاَ مُتَّصِلًا بحَيَوَانٍ، وهذا يَدْخُلُ فيهِ الْحَجَرُ وما قَامَ مَقَامَهُ مِنَ الْخَشَبِ والخِرَقِ والتُّرَابِ وغيرِهِ، ويَخْرُجُ مِنهُ المأكولاَتُ والرَّوْثُ (٤) والرِّمَّةُ (٥) وإنْ كَانا طَاهِرَيْنِ؛ لأنَّهُما مِنْ طَعَامِ الجِنِّ، ومَا فيهِ ذِكْرُ اللهِ تعالَى مِنَ الكَاغدِ وغَيْرِهِ، وعنهُ (٦) أنَّ الاسْتِجْمَارَ يَخْتَصُّ بالْحَجَرِ، ويَجُوزُ
_________
(١) روى أحمد ٤/ ٢٤٨، وأبو داود (١)، وابن ماجه (٣٣١)، والترمذي (٢٠)، والنسائي ١/ ١٨ من حديث المغيرة بن شعبة، قال: كنت مع النبي ﷺ في سفر، فأتى النبي حاجته فأبعد في المذهب». قال الترمذي: «حسن صحيح».
(٢) روى أحمد ٤/ ٣٩٦ و٣٩٩ و٤١٤، وأبو داود (٣) من طريق شعبة، عن أبي التياح الضبعي، عن رجل أسود طويل قَدِمَ مع ابن عَبَّاس، عن أبي موسى مرفوعًا: «إذا أراد أحدُكم أن يبولَ فليرتدْ لبولِهِ». وعلَّق الترمذي عقب حديث رقم (٢٠) عن النبي ﷺ أنه كان يرتاد لبوله مكانًا كما يرتاد منْزِلًا.
وقوله: «فليرتدْ»، أي: يطلب مكانًا ليّنًا لئلا يرجع عليه رشاش بَوْله.
(٣) أخرج أحمد ٢/ ٣٧٢، ومسلم ١/ ١٥٦ (٢٦٩) (٦٨)، وأبو داود (٢٥)، وأبو يعلى (٦٤٨٣)، وابن خزيمة (٦٧)، وابن حبان (١٤١٥)، والحاكم ١/ ١٨٥ - ١٨٦، والبيهقي ١/ ٩٧، والبغوي (١٩١) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «اتَّقوا اللَّعَّانين، قالوا: وما اللَّعَّانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلَّى في طريق الناس أو ظلهم».
(٤) أخرج أحمد ١/ ٤١٨ و٤٢٧، والبخاري ١/ ٥١ (١٥٦)، وابن ماجه (٣١٤)، والنسائي ١/ ٣٩ من حديث عبد الله بن مسعود، قال: أتى النبيُّ ﷺ الغائطَ فأمَرَني أنْ آتِيْه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: «هذا ركس».
وروى الترمذي (١٨) من حديث ابن مسعود مرفوعًا: «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن».
(٥) الرمة -بالكسر-: هي العظام البالية، والجمع: رِمَم ورِمام. الصحاح ٥/ ١٩٣٧، والنهاية ٢/ ٢٦٧.
(٦) انظر: الروايتين والوجهين ٧ / ب، ونقل الجواز عن الميموني، عن الإمام، وقال في عدم الجواز:
«ونقل حنبل أنه لا يجوز وهو اختيار أبي بكر؛ لأنها عبادة تتعلّق بالأحجار، فلم يقم غيرها مقامها، ودليله: رمي الجمار. انتهى».
1 / 51