وذَكَرَ أبو بَكْرٍ (١) في " التَّنْبِيْهِ " أنَّهُ يُبَاحُ يَسِيْرُ الذَّهَبِ.
وَجَمِيْعُ الأوَانِي والآلاتِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ وَجُلُودِها نَجِسَةٌ في ظاهِرِ الْمَذْهَبِ، وأَوَانِي الكُفَّارِ - مَا لَمْ تُتَيَقَّنْ نَجَاسُتُها - طاهِرَةٌ مُبَاحَةُ الاسْتِعْمَالِ، وكَذلكَ ثِيَابُهُمْ وعنهُ الكَرَاهَةُ (٢). ويُسْتَحَبُّ تَخْمِيْرُ الأَوَاني، فإنْ نَجسَ بَعْضُهَا واشْتَبَهَتْ عليهِ لَمْ يَتَحَرَّ على الصَّحِيْحِ مِنَ المذْهَبِ، بلْ يُرِيْقُهَا وَيَتَيَمَّمُ، وعنهُ [أنَّهُ] (٣) يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مِنْ غَيْرِ إرَاقَةٍ (٤)، فإنْ كَانَ معهُ إناءانِ: ماءٌ طاهِرٌ، وماءٌ مُسْتَعْمَلٌ، أو ماءُ الشَّجَرِ وماءٌ مُطْلَقٌ، فإنَّهُ يَتَوَضَّأُ مِنْهُما ويُصَلِّي ولاَ يَتَحَرَّ، وكذلكَ إذا كانَ مَعَهُ ثِيَابٌ بَعْضُها نَجِسٌ وَبَعْضُها طاهِرٌ واشْتَبَهَتْ عليهِ كَرَّرَ فِعْلَ الصَّلاَةِ الحاضِرَةِ في ثَوْبٍ بَعْدَ ثَوبٍ بعَددِ النَّجَسِ، وزَادَ صَلاَةً لِيَحْصُلَ لَهُ تأدِيَةُ فَرْضِهِ.
بَابُ الاسْتِطَابَةِ (٥) والْحَدَثِ
لاَ يَجُوْزُ لِمَنْ أرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ ولاَ اسْتِدْبَارُها إذا كَانَ في الفَضَاءِ، وإنْ كانَ بينَ البُنْيَانِ جازَ لَهُ ذلِكَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٦)، والأُخْرَى لاَ يَجُوزُ لَهُ / ٣ و/ ذَلِكَ في الموضعَينِ.
وإذا أرادَ دُخُولَ الخَلاءِ فإنْ كَانْ مَعَهُ ما فِيْهِ ذِكْرُ اللهِ تعالَى أَزَالَهُ (٧)، ويُقَدِّمُ رِجْلَهُ اليُسْرَى في الدُّخُولِ، واليُمْنَى في الخُرُوجِ، ويَقُولُ عِندَ دُخُولِهِ: «بِسْمِ اللهِ (٨)، أَعُوْذُ باللهِ
_________
(١) هُوَ الإمام أبو بكر أحمد بن هارون الخلال، له تصانيف كثيرة الجامعة لعلوم الإمام أحمد، توفي سنة (٣١١ هـ)، ودفن ﵀ عِنْدَ رجلي أحمد ﵀. مختصر طبقات الحنابلة: ٢٨.
(٢) قال في المحرر ١/ ٧: «ولا بأس باستعمال آنية الكفَّار وثيابهم ما لم يتيقن نجاستها، وعنه الكراهة، وعنه المنع فيما ولي عوراتهم كالسراويل ونحوها، حتى يغسل دون ما علا».
(٣) زيادة منا اقتضاه السياق.
(٤) جاء في المحرر ١/ ٧: «وإذا اشتبه طهور بنجس تيمم وَلَمْ يتحر. وهل يلزمه إعدام الطهور بخلطٍ أَوْ إراقة أم لا؟ عَلَى روايتين إحداهما: لا يلزمه، وَهُوَ المذهب. وَقِيلَ: يتحري إذَا كَانَتْ أواني الطهور أكثر».
(٥) الاستطابة: سُمِّيَت استطابة من الطيب، تَقُوْل: فُلاَن يطيب جسده مِمَّا علم من الخبث، أي: يطهره، والاستطابة: الاستنجاء، وَهُوَ مشتق من الطيب؛ لأنه يطيب جسده بِذَلِكَ. اللسان ١/ ٣٥٥.
(٦) انظر: الروايتين والوجهين ٧ / ب.
(٧) وذلك لأنه صحَّ أن نقش خاتم النبي ﷺ كان: محمد (سطر)، ورسول (سطر)، والله (سطر). صحيح البخاري ٤/ ١٠٠ (٣١٠٦) و٧/ ٢٠٣ (٥٨٧٨). وروي عن همام عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس: «أن النبي كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه». الشمائل: ٧٦، والمغني ١/ ١٥٨ - ١٥٩.
(٨) وذلك لما رواه ابن ماجه (٢٩٧)، والترمذي (٦٠٦)، والبغوي (١٨٧)، والمزي في تهذيب الكمال ٧/ ٩٠ من حديث علي بن أبي طالب مرفوعًا: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء، أن يقول: بسم الله». وسنده ليس بذاك القوي كما قال الترمذي لضعف محمد بن حميد الرازي.
وله طرق أخرى من حديث أنس بن مالك أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة: ٢٠، والطبراني
في الأوسط (٢٥٢٥) و(٧٠٦٢)، والحديثُ بَحَثَ طرقه بحثًا موسعًا العلاَّمة الألباني في إرواء الغليل ١/ ٨٧ - ٩٠، وانتهى فيه إلى تقوية الحديث فراجعه تجد فائدة.
1 / 49