فإنْ خالَطَهُ طاهِرٌ يُمْكِنُ الاحْتِرازُ منهُ، فغَلَبَ على أجزَائِهِ أو طُبِخَ فيهِ سَلَبَهُ التَّطْهِيْرَ وإنْ غَيَّرَ إحدَى صِفَاتِهِ: طَعْمُهُ أو لَوْنُهُ أوْ رِيْحُهُ، فَعَلَى رِوايَتَيْنِ:
إحدَاهُما أنَّهُ يَسْلِبُهُ التَّطْهِيْرَ أيضًا، والأخرَى لا يَسْلبُهُ (١).
فإنْ تَغَيَّرَ بطاهِرٍ لا يُخالِطُهُ كالعُوْدِ والكَافُورِ والدُّهْنِ أو طَاهِرٍ لا يُمْكِنُ الاحترازُ منهُ كالتُّرَابِ والطُّحْلُبِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ فهُوَ مُطَهِّرٌ.
ومَاءٌ نَجِسٌ (٢) وهوَ مَا دُونَ القُلَّتَيْنِ إذا وَقَعَتْ فيهِ نَجَاسَةٌ. والقُلَّتَانِ (٣) فَصَاعِدًا إذا [تغير] (٤) لِغَيْرِ مُلاقاةِ النجاسَةِ، فإنْ زَالَ التَّغْييرُ بنفسِهِ أو بقُلَّتَي (٥) ماءٍ طَهُورٍ فطرَأَ عليهِ أوْ كانَ أكثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ فَنَزَحَ منهُ / ٢ ظ / فَزَالَ التَّغْييرُ وَبَقِيَ قُلَّتَانِ طَهرَ، وإنْ ظَهَرَ فيهِ تُرابٌ فَقَطَعَ التَّغْيير لَمْ يَطْهُرْ - والقُلَّتَانِ خَمْسُ مِئَةِ رَطْلٍ بالعِرَاقِيِّ (٦) -.
وَعَنْهُ لا يَنْجسُ الماءُ إلاَّ بتَغَيُّرِ أحدِ صِفاتِهِ بالنَّجَاسَةِ، سَوَاءٌ كَانَ قَليْلًا أوْ كَثِيْرًا (٧).
بَابُ الآنِيَةِ
وَكُلُّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الأَثْمَانِ فَمُبَاحٌ اتِّخَاذُهُ واسْتِعْمَالُهُ، سَوَاءٌ كَانَ ثَمِيْنًا كَاليَاقُوْتِ والبَلُّوْرِ والعَقِيْقِ، أوْ غَيْرَ ثَمِيْنٍ كَالصُّفْرِ والرَّصَاصِ والْخَشَبِ.
فأمَّا آنِيَةُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ فَيَحْرُمُ اتِّخَاذُهُمَا واسْتِعْمَالُهُمَا، فَإنْ خَالَفَ وتَطَهَّرَ مِنْها، فَهَلْ تَصُحُّ طَهَارَتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (٨).
_________
(١) انظر: الروايتين والوجهين ٣ / أ.
(٢) «النَّجْس والنِّجْس والنَّجَس: القذر من الناس ومن كُلّ شيء قذرته». اللسان ٦/ ٢٢٦ (نجس).
(٣) القُلَّةُ: الجرَّة من الفخار يشربُ منها. والقلتان: مثنى قلة، وَهِيَ الحب العظيم، وَقِيلَ الجرة العظيمة، وَقِيلَ: الجرة عامة، وَقِيلَ الكوز العظيم. قَالَ أحمد بن حَنْبَل: قدر كُلّ قلة قربتان، قَالَ: وأخشى عَلَى القلتين من البول، فأما غَيْر البول فَلا ينجسه شيء. انظر: اللسان ١١/ ٥٦٥ (قلل)، والمعجم الوسيط
٢/ ٧٥٦، وسيأتي مقدارها بالرطل العراقي.
(٤) زيادة منا اقتضاها السياق.
(٥) في الأصل: «بقلتين»، وما أثبتناه هُوَ الصَّحِيح؛ لأن نون المثنى تحذف عِنْدَ الإضافة، ينظر: شرح المفصل ٣/ ٣٥.
(٦) ذكر صاحب المحرر ١/ ٢ رواية أخرى عن الإمام أحمد، فقال: «وعنه أنهما أربع مئة»، والرطل: اثنتا عَشْرَة أوقية بأواقي العرب، والأوقية: أربعون درهمًا، فذلك أربعمئةٍ وثمانون درهمًا.
اللسان ١١/ ٢٨٥ - ٢٨٦ (رطل).
(٧) انظر: الروايتين والوجهين ٣ / ب.
(٨) لَمْ يذكر أبو يعلى الفراء في كتابه " الروايتين والوجهين "، الوجهين، وذكرها صاحب الشرح الكبير، قائلًا: «أحدهما: تصح طهارته، اختاره الخرقي، وَهُوَ قَوْل أَصْحَاب الرأي والشافعي وإسحاق وابن المنذر؛ لأن فعل الطهارة وماءها لا يتعلق بشيء من ذَلِكَ، أشبه الطهارة في الدار المغصوبة. والثاني: لا تصح اختاره أبو بَكْر؛ لأنه استعمل المحرم في العبادة فلم تصح، كَمَا لَوْ صلى في دار مغصوبة» الشرح الكبير بهامش المغني ١/ ٥٨ - ٥٩.
1 / 47