والثَّالِثَةُ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ ولاَ يَجُوزُ النُّقْصَانُ، فَإِذَا قُلْنَا: لاَ يُزِيْدُ الإِمَامُ ولاَ يُنْقِصُ، فَمَتَى بَدَّلُوا المِقْدَارَ المَذْكُورَ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وحَرَّمَ قِتَالَهُمْ، وإِذَا قُلْنَا لَهُ: الزِّيَادَةُ فَلاَ يحَرُمُ قِتالُهُمْ، ويَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ مَعَ الجِزْيَةِ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، ويُبَيِّنُ أَيَّامَ الضِّيَافَةِ ومِقْدَارَ الطَّعَامِ والإِدَامِ والعَلَفِ للدَّوَابِّ، وعَدَدَ مَنْ يُضَافُ مِنَ الرِّجَالَةِ والفُرْسَانِ، ويُقَسِّمُ ذَلِكَ عَلَى مِقْدَارِ خَزْنِهِمْ، وأَقَلُّ الضِّيَافَةِ يَوْمًا ولَيْلَةً، ولاَ تَجِبُ ذَلِكَ إلاَّ بالشَّرْطِ، ومِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يجب ذَلِكَ لِغَيْرِ شَرْطٍ كَمَا يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ (١).
وتُؤْخَذُ الجِزْيَةُ في آخِرِ الحَوْلِ، فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ، وأَفَاقَ المَجْنُونُ في أَثْنَاءِ الحَوْلِ أُخِذَ مِنْهُ في آخِرِ الحَوْلِ بِقَدَرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُتْرَكْ حَتَّى يُتِمَّ حَوْلَهُ، ومَنْ كَانَ يُجَنُّ يَوْمًا ويَفِيْقُ يَوْمًا فَإِنَّهُ يُلْفِقُ (٢) أَيَّامَ فَاقَتِهِ، فَإِذَا بَلَغَتْ حَوْلًا أُخِذَتْ مِنْهُ الجِزْيَةُ، ويُحْتَمَلُ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ في آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ نِصْفَ جِزْيَتِهِ كَالمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، ولاَ تُؤْخَذُ الجِزْيَةُ مِنِ امْرَأَةٍ ولاَ صَبِيٍّ ولاَ زَمِنٍ (٣)، فَأَمَّا العَبْدُ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ مسلمًا فَلاَ جزية عَلَيْهِ وإن كَانَ سيدهُ ذِمِّيًّا فَعَلَى وَجْهَيْنِ (٤). وَقَالَ: أبُو بَكْرٍ، وشَيْخُنَا: لاَ جِزْيَةَ عَلَيْهِ أيْضًَا، وَظاهِرُ كَلامِ الخِرَقيِّ: عَلَيْهِ الجِزْيَةُ (٥). وأَمَّا الفَقِيْرُ الَّذِي لاَ حِرْفَةَ لَهُ فَلاَ جِزْيَةَ عَلَيْهِ في المَنْصُوصِ عَنْهُ (٦)، ويُحْتَمَلُ أَنْ يُلْزِمَهُ الجِزْيَةَ يُطَالَبُ بِهَا إِذَا أَيسَرَ؛ لأنَّهُ مِنْ أَهْلِ القِتَالَ، وإِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ بَعْدَ حُلُوْلِ الحَوْلِ سَقَطَتِ الجِزْيَةُ عَنْهُ (٧)، وإِنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُوْلِ الحَوْلِ أُخِذَتْ الجِزْيَةُ مِنْ مَالِهِ عَلَى ظَاهِرِ كَلاَمِ أَحْمَدَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ والخِرَقِيِّ وابْنِ حَامِدٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: تَسْقُطُ عَنْهُ الجِزْيَةُ. وإِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جِزْيَةُ سِنِيْنَ اسْتُوْفِيَتْ مِنْهُ، وَلَمْ تَتَدَاخَلْ ويُمْتَهَنُوا عِنْدَ أَخْذِ الجِزْيَةِ ويُطَالُ عَلَيْهِمْ قِيَامُهُمْ وتُجَرُّ أَيْدِيهِمْ عِنْدَ أَخْذِهَا (٨)، وإِذَا مَاتَ الإِمَامُ أَو عُزِلَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ فَإِنْ عَرَفَ مَبْلَغَ مَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ مِنَ الجِزْيَةِ والضِّيَافَةِ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ (٩)، وإنْ لَمْ يَثْبُتْ