إني أصارحك القول: لقد تعبت ألسنتنا وآذاننا وحناجرنا من الترتيل: المجد لله في العلا، وعلى الأرض السلام.
لست أدري ما في العلاء من مجد، أما السلام على الأرض فلا أرى أي دليل عليه سوى دول تغلي كالقدر الفائر. كل منهما يعد شبكته ليصطاد الحيتان والدلافين، وباسم السلام يقتتلون هنا وهناك وهنالك، وباسم السلام نؤيد مضطهدي السلام.
حاشاك يا سيدي أن تطلب مني أن أقول غير الحق ، وأنت الذي علمتنا منذ أجيال: تعرفون الحق والحق يحرركم، فهل أكذب وأرتل معهم، وعلى الأرض السلام، وليس على الأرض إلا قنابل تزعزع أساسات المسكونة وتجعل عاليها سافلها؟
أما (الرجاء الصالح والمسرة) فما زلنا ننتظر قدومهما، وأظنهما لا يأتيان إلا معك، أما وعدتنا بالرجعة، فما لك تأخرت؟! عد يا سيد، وقوم ما اعوج من القيمين على تعاليمك.
يا سيد، يا أمير السلام. ألهم تابعيك أن يسيروا على ضوء تعاليمك لئلا يدركهم الظلام.
إنهم يقرءون وصاياك بألسنتهم وقلوبهم بعيدة عنك.
أنت قلت: يا بني أعطني قلبك. أما هم فزنادقة وذئاب يلبسون جلود الحملان. فإذا كنت حين تجلس عن يمين أبيك تقيم الخراف عن يمينك، والجداء عن شمالك، فأي مكان تعد لهؤلاء؟ أليست الجداء خيرا منهم؟! فلا لحمهم يؤكل ولا جلدهم يسكف.
يتحدثون عن فقرك ويرفلون بالحرير والديباج كالغواني، ونتحلى مثلهن بالذهب، ونعصب رءوسنا بالطراطير ونسميها تيجانا.
لقد صار صليبك حلية، وإكليل شوكك رمزا يزهى به، فإذا كنت عظيما بميلادك فأنت أعظم منك بحياتك وموتك، وإذا لجأت إلى الخيال بحديث ميلادك، فإني لا أتجاوز تخوم الواقع إذا عظمت حياتك وموتك.
أنغني (على الأرض السلام.) ولا نخجل؟! أنترنم بالمجد لله في العلاء ونحن نزحف على بطوننا كالأفاعي، أنفرح ونتهلل في ذكرى ميلادك وأمس أجرينا الدماء أنهارا؟
ناپیژندل شوی مخ