فهؤلاء ليسوا غاضبين منه فعليا (يقول لنفسه)، لكنهم يبحثون عن متنفس ما يخرجون فيه غضبهم المتراكم من ضغوط حياتهم الشخصية.
وهو ما كان يتفهمه جيدا؛ نظرا للأوضاع المعيشية التي ظلت تضيق منذ سنوات.
لكنه كان يحتفظ دوما بفأس جميلة تحت مقعده تحسبا للأسوأ.
بعد الرابعة والنصف صباحا، لا يستطيع «مجاهد» النوم مجددا كما قلت.
لذلك يبدأ روتينه اليومي بأن يشرب الشاي بالزلابية اللذين يجد والدته تعدهما. يصلي الفجر في المنزل، يقبل رأسها وتدعو له بالتوفيق والرزق. ثم يقود الحافلة حتى النيل بجوار كبري المنشية، يقوم بغسلها وتنظيفها، ثم يقودها مع شروق الشمس إلى منزل «عم عبد الله»، ليبدأ يوما جديدا.
اليوم تحديدا رأى شيئا غريبا بجوار الكبري.
كان ينظف الحافلة من الداخل كالمعتاد، الشارع خال في ذلك الوقت المبكر من الصباح قبل شروق الشمس، عندما رأى سيارة بوكس تتوقف أعلى الجسر، يستطيع أن يراها بوضوح من مكانه بالأسفل.
وتساءل مع نفسه عن السبب الذي جعل السائق يقود السيارة، وقد أطفأ ضوء الكشافات الأمامية برغم الظلام الحالك.
رأى شبح رجلين يخرجان من السيارة، ثم يتجهان لمؤخرة السيارة ويلتقطان شيئا ما يتعاونون لحمله بصعوبة واضحة، ثم يرمونه من أعلى الجسر في النهر.
دوى صوت الشيء إذ يرتطم بالماء، يغوص لثوان قبل أن يعود ويطفو مجددا، وينساب مع تيار الماء، حتى اختفى في الظلام.
ناپیژندل شوی مخ