زما عزيزه ژوند

نهله دربي d. 1450 AH
88

زما عزيزه ژوند

حياتي العزيزة

ژانرونه

ربما أخبرت أمي ألا تتحدث بشأن بعض الأمور، لكن ما كانت تقوله لم يكن عادة يمثل أهمية كبيرة بالنسبة إلي. ومن الواضح أنها كانت تنظر للجانب المشرق من الأمور. وقد علمت بعض الأشياء لكن ليس عن طريقها؛ فقد علمت أنه بسبب حالتي كانت تخشى أن تنجب أطفالا آخرين، وخسرت رجلا كان يحبها في إحدى المرات عندما أخبرته بذلك. لكن لم يخطر ببالي أن أشعر بالأسف حيال أي منا؛ فأنا لم أفتقد أبا قد توفي حتى قبل أن أراه، أو فتاة كان يمكن أن أقيم معها علاقة لو كان مظهري مختلفا، كما أنني لم أفتقد ذلك الشعور الوجيز بالتيه الخاص بالذهاب للمشاركة في الحرب.

كنا أنا وأمي نفضل تناول أشياء بعينها على العشاء، وكنا نحب الاستماع إلى برامج إذاعية معينة، ودائما ما كانت الأخبار العالمية من قناة بي بي سي، وذلك قبل أن نأوي إلى الفراش. كانت عينا أمي تلمعان عندما يتحدث الملك أو وينستون تشرشل. وقد اصطحبتها لمشاهدة فيلم «السيدة مينيفر»، وقد تأثرت به أيضا. لقد كانت الدراما تملأ حياتنا، سواء أكانت الخيالية أم الواقعية. الانسحاب من دانكرك، السلوك الذي اتسم بالشجاعة من جانب العائلة الملكية، انفجارات لندن المتتالية، وساعة بيج بن التي لا تزال تدق معلنة الأخبار الكئيبة. سفن فقدت في البحر، والأكثر فزعا، غرق مركب مدني، زورق، ما بين كندا ونيوفوندلاند، بالقرب من شواطئنا.

لم أستطع النوم في تلك الليلة، وخرجت للمشي في شوارع البلدة. أخذت أفكر في أولئك الأشخاص الذين استقروا في قاع البحر؛ لا بد أنه كانت هناك سيدات عجائز، تقريبا في مثل عمر أمي، وقد تشبثن بما كن يحكينه من أشياء، وطفل انزعج من ألم أسنانه التي اصطكت من الخوف، وآخرون أمضوا نصف الساعة الأخيرة قبل غرقهم وهم يعانون من دوار البحر. انتابني شعور غريب جدا، وحسبما أستطيع وصفه: كان شعورا يتقاسمه الفزع، والإثارة الممزوجة بالتبلد. لقد تبدد كل شيء، وظهرت فجأة المساواة، علي أن أقول ذلك؛ المساواة، بين أشخاص مثلي ومن هم أسوأ حالا مني وبين الآخرين.

لقد تلاشى ذلك الشعور بالطبع عندما اعتدت رؤية أشياء أخرى أثناء الحرب فيما بعد. لقد رأيت أردافا عارية ممتلئة بالصحة، وأخرى هزيلة ، يساق أصحابها كالقطيع إلى غرف الإعدام بالغاز.

وحتى لو لم يتلاش ذلك الشعور تماما، فقد تعلمت أن أكتمه بداخلي. •••

لا بد أنني قد التقيت مصادفة أونيدا خلال هذه السنوات، وتتبعت مسار حياتها. وكان علي أن أفعل هذا؛ فلقد مات والدها مباشرة قبل اليوم الذي أعلن فيه انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وامتزجت مراسم الجنازة الحزينة باحتفالات انتهاء الحرب بطريقة غريبة. وقد تكرر ذلك مع أمي التي ماتت في الصيف التالي، وذلك بعدما سمع الجميع عن القنبلة الذرية. وقد ماتت بطريقة أكثر غرابة وأمام الناس، وذلك في مكان عملها، بعدما قالت: «أريد أن أجلس.»

لم ير أحد والد أونيدا أو يسمع عنه شيئا خلال السنة الأخيرة من عمره. انتهت تمثيلية هوكسبرج الزائفة، لكن بدت أونيدا أكثر انشغالا من ذي قبل. وربما كان سينتابك حينها ذلك الشعور بأن كل من تقابله منهمك في شيء ما؛ إما في تتبع دفاتر الحصص التموينية، وإما في إرسال خطابات للجبهة، وإما في الحديث عن الخطابات التي تسلموها من هناك.

أما بالنسبة إلى أونيدا، فقد كانت منهمكة في العناية بالمنزل الكبير الذي كانت تعيش فيه، والذي أصبح عليها الآن إدارة شئونه بمفردها.

أوقفتني ذات يوم في الشارع وقالت لي إنها تريد مشورتي بشأن بيعه؛ أي المنزل. أخبرتها أنني لست الشخص المناسب الذي ينبغي أن تتحدث إليه في أمر كهذا. قالت ربما كان الأمر كذلك، ولكنها تعرفني. بالقطع، هي كانت لا تعرف عني شيئا يزيد عما تعرفه عن أي شخص آخر في البلدة، ولكنها صممت على رأيها، وجاءت إلى منزلي لنتحدث أكثر عن الأمر. أبدت إعجابها بأعمال الطلاء التي قمت بها، وإعادة ترتيب موضع الأثاث، وأشارت إلى أن التغيير لا بد أنه ساعدني على التغلب على الشعور بفقد أمي.

هذا صحيح، لكن معظم الأشخاص كانوا سيترددون كثيرا قبل أن يقولوا ذلك على نحو مباشر.

ناپیژندل شوی مخ