لقد كان قاسيا معها. لقد صدمتني قسوته الشديدة تلك، وخاصة تجاه شخص في شدة الاحتياج لمعاملة طيبة، لكنه فعل ذلك لأجلي، حسبما أرى؛ وذلك حتى لا يقتطع أحد جزءا من الوقت الذي يمضيه معي. لقد أشبعت تلك الفكرة غروري، وشعرت بالخجل إزاء شعوري هذا، ولم أكن أدري ماذا كنت سأقول له عند عودته.
لم يكن يريدني أن أتفوه بشيء، بل قادني نحو الفراش. هل كان هذا أمرا أعد له مسبقا، أم أنه وليد اللحظة وقد كان مفاجئا له مثلما كان بالنسبة إلي؟ لم تبد عذريتي على الأقل مثارا لدهشته على الإطلاق؛ فقد أحضر منشفة وواقيا ذكريا، وعزم على أن تسير الأمور بسلاسة قدر المستطاع. ربما كانت رغبتي المحمومة بمنزلة مفاجأة لكلينا؛ فقد اتضح أن الخيال قد يكون جيدا ومهما كاستعداد، مثله مثل التجربة تماما.
قال: «إنني أنوي الزواج منك.»
قبل أن يصطحبني إلى المنزل ألقى كل الكوكيز؛ ألقى كل تلك القلوب الحمراء وسط الثلوج من أجل إطعام الطيور في ذلك الشتاء القارس. •••
وهكذا تم الاتفاق بيننا على الأمر؛ فأصبحت خطوبتنا المفاجئة، بالرغم من تحفظه بعض الشيء على تلك الكلمة، حقيقة واقعة يعرفها كلانا فقط، فلم يكن علي أن أكتب لجدي وجدتي لأخبرهما بذلك. وكان الزفاف سيتم حالما يستطيع هو أن يأخذ راحة لمدة يومين متتاليين، وقال إن حفل الزفاف سيكون بسيطا خاليا من أية بهرجة. وكان علي أن أتفهم أن فكرة إقامة حفل زفاف هي فكرة لا تروق له وليس على استعداد لقبولها؛ ذلك لأن الحفل كان سيقام في حضور بعض الأشخاص الذين لا تحظى أفكارهم باحترامه، والذين كانوا سيتغامزون علينا ويتصنعون الضحك أمامنا.
ولم يكن يفضل أيضا الخواتم الماسية، وأخبرته أنني لم أكن لأرغب في واحد منها على الإطلاق، وكنت كذلك بالفعل، لأنني لم أفكر فيه قط من قبل. أخبرني أن هذا شيء جيد؛ فقد كان يعلم أنني لست من ذلك النوع من الفتيات التقليديات الحمقاوات.
وقال إن من الأفضل أن نتوقف عن تناول العشاء معا؛ ليس فقط بسبب الأحاديث التي ستدور حولنا، لكن لأنه من الصعب الحصول على لحم يكفي فردين من خلال بطاقة طعام واحدة. ولم تكن البطاقة الخاصة بي متاحة؛ حيث سلمتها للمسئولين عن المطبخ - أي لوالدة ماري - بمجرد أن شرعت في تناول الطعام في المصحة.
فمن الأحرى ألا نجذب أنظار الآخرين إلينا. •••
بالطبع ارتاب الجميع في وجود علاقة بيننا؛ فلقد أصبحت الممرضات الأكبر سنا يعاملنني بود، حتى رئيسة الممرضات كانت تبتسم في وجهي ابتسامة واهنة تعبر عن الامتعاض. وكنت أتأنق على نحو بسيط دون أن أقصد شيئا من وراء ذلك. وكنت أحيط نفسي بإطار من السكينة والهدوء، وأتحدث دوما وأنا أخفض بصري. ولم يجل بخاطري مطلقا أن أولئك الممرضات كن ينتظرن ليرين أي منعطف يمكن أن تأخذه تلك العلاقة، وأنهن كن على استعداد أن يعدن إلى سابق عهدهن من التظاهر بالورع إن قرر الطبيب أن يهجرني.
أما الممرضات المساعدات، فقد كن في صفي بكل ما أوتين من قوة، وكن يمزحن بأنهن كن يرين أجراس زفاف وهن يتطلعن إلى أوراق الشاي في قدحي؛ وذلك تيمنا بزفافي.
ناپیژندل شوی مخ