قلت لها: «لست بزائرة. فأنا المعلمة.»
قالت المرأة ببعض الارتياح: «حسنا، إنهم لن يدعوك تدخلين من الباب الأمامي على أية حال؛ لذا من الأفضل أن تأتي معي. ألم تحضري معك أية حقائب؟» «قال ناظر المحطة إنه سيحضرها فيما بعد.» «إن الطريقة التي كنت تقفين بها هناك توحي بأنك قد ضللت الطريق.»
قلت لها إني توقفت لأن المنظر كان شديد الجمال. «قد يرى البعض أن الأمر كذلك، إلا إن كانوا يشعرون بإعياء شديد أو كانوا منشغلين بشدة.»
لم نزد شيئا في حوارنا عن ذلك حتى دلفنا إلى المطبخ في أحد جوانب المبنى، لقد كنت في حاجة ماسة بالفعل للدفء الموجود بداخله. لم تتح لي فرصة التجول بنظري بين أرجائه؛ فقد كانت المرأة تنظر نحو حذائي العالي الرقبة.
قالت: «من الأفضل أن تخلعي هذا الحذاء قبل أن يخلف أثرا على الأرض.»
خلعت الحذاء بصعوبة شديدة، ولم يكن هناك أي مقعد للجلوس، وقد وضعته فوق البساط حيث تركت المرأة حذاءها. «أمسكي به وأحضريه معك؛ فلست أدري أين سيجعلونك تقيمين. ومن الأفضل أيضا أن تظلي مرتدية معطفك؛ فليس هناك أي نوع من التدفئة في غرفة إيداع الملابس.»
لم يكن هناك أي نوع من التدفئة أو الإضاءة، فيما عدا ما يأتي من خلال نافذة صغيرة لم يكن بإمكاني الوصول إليها. كان الأمر يبدو وكأنني أتلقى عقابا في المدرسة؛ فقد تم إرسالي إلى غرفة إيداع المعاطف والملابس. نعم. إنها نفس رائحة ملابس الشتاء التي لا تجف مطلقا، والأحذية العالية الرقبة التي تفوح منها رائحة الجوارب القذرة والأرجل التي لا يتم غسلها وتنظيفها.
صعدت على أحد المقاعد لكني ما زلت لا أتبين ما بالخارج. وعلى الرف الملقى فوقه بعض الأوشحة والقبعات وجدت حقيبة بها بعض التين والبلح. لا بد أن أحدهم سرقها وأخفاها هنا ليأخذها معه حينما يرحل. وفجأة، انتابني شعور بالجوع. لم أتناول شيئا منذ الصباح، فيما عدا سندوتش جبن جافة أكلته في إحدى محطات خط أونتاريو نورثلاند. رحت أفكر في الجانب الأخلاقي لفكرة السرقة من سارق، لكن التين كان سيعلق بأسناني، موشيا بأمري.
نزلت من فوق المقعد في الوقت المناسب؛ فقد كان هناك أحد يدلف إلى الغرفة، لم يكن شخصا من العاملين في المطبخ، بل فتاة من المدرسة ترتدي معطفا شتويا ثقيلا، وتضع وشاحا فوق شعرها. دلفت في سرعة شديدة، وألقت الكتب فوق المقعد فسقطت وتناثرت على الأرض، وجذبت الوشاح فبرز شعرها أشعث، وفي نفس الوقت دفعت بفردتي حذائها الواحدة تلو الأخرى فتطايرتا فوق أرضية الغرفة. من الواضح أنه لم يرها أحد ليمسك بها ويجعلها تقوم بخلعهما عند باب المطبخ.
قالت الفتاة: «مرحبا، لم أقصد أن أوذيك، لكن الغرفة هنا شديدة الظلام خاصة بعد الإضاءة المتواجدة بالخارج؛ فالمرء لا يرى ما يفعله. ألا تتجمدين من شدة البرودة؟ هل تنتظرين حتى ينتهي أحدهم من عمله؟» «أنا بانتظار الطبيب فوكس.» «إذن فليس عليك أن تنتظري طويلا، لقد جئت لتوي من البلدة في رفقته. إنك لست بمريضة، أليس كذلك؟ إن كنت مريضة، فيجب ألا تأتي إلى هنا، بل يجب أن تذهبي إليه في البلدة.» «أنا المعلمة.» «حقا؟ هل أتيت من تورونتو؟» «نعم.»
ناپیژندل شوی مخ