ختیځ ژوند
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
ژانرونه
وكان منهن سيدات شواعر وخطيبات أعن غاندي وحللن محله عند اعتقاله في ثورة سنة 1930،
1
وكانت المرأة التركية ذات نصيب وافر في الثورة التركية، فقد وصفت السيدة مارسيل تينير في كتابها «مذكرات سائحة في تركيا»، باريس سنة 1910، ما رأته من أعمال هؤلاء الهوانم اللواتي كن لا يعرفن قبل حركة الدستور سوى الحريم والطنافس وأواني المسكرات والحلوى، فإذا هن قد اشتركن في الثورة اشتراكا فعليا وكان لهن فضل يذكر. وكذلك المرأة المصرية منذ ظهور كتاب قاسم أمين، الذي هاجمه خصومه من كل جانب، قد خطت خطوات واسعة في التربية والتعليم، وحاولت رفع مستوى الحياة المصرية على الخطط الإفرنجية.
وبعد أن كانت الكاتبة الفرنسية المرحومة زوجة حسين رشدي باشا الأولى تصف حياة المرأة المصرية المعذبة في حالتي الزواج والطلاق في كتابيها عن «الحريم» وعن المطلقات «ليربيوديه» 1904 و1908. وكانت السيدة جان ديفراي وهي سيدة من جنوب فرنسا وزوجة لطبيب مصري اسمه سليم فهمي تطعن على المصريين أشد الطعن في كتبها. رأت الثانية منهن، ولم تعش الأولى لترى، الحركة الوطنية المصرية في 1919، فكتبت معجبة في مجلة باريس بعنوان «في مصر» تقول:
إنني قد أصبحت أشهد العجائب والغرائب في هذه البلاد! إن مثلي ممن عرف مصر في عهد توفيق ليهوله كل الهول ما يشهد بعينه من تطور شأن المرأة المصرية في هذه الأعوام الأخيرة، هذا التطور الأشد غرابة من كل ما حدث من أنواع الانقلاب في وادي النيل. إن من كان يعرف تاريخ حياة المرأة المصرية، حياة الإهمال والانقباع في كسر بيتها بمعزل عن أي شأن تشتم منه رائحة سياسية أو اجتماعية؛ ليدهش دهشا كبيرا حيال ما قد حدث من التطور في هذه الأشهر الأخيرة، فقد قامت في مصر مظاهرات كبرى في صيف العام الماضي (سنة 1919)، فاحتشد النساء في القاهرة في مواكب جليلة فهرعت الجنود البريطانية للحال واصطفت نطاقا من حول الموكب مصوبة نحو النساء البنادق وفي رءوسها الحراب المسددة اللامعة، وإذا هدد جندي سيدة لسرعان ما دارت إليه زائرة زأرة أنثى الأسد تحمي أشبالها وكشفت عن صدرها وصاحت به: «اغرس أيها الجندي حربتك في صدري، فيعرف العالم أن هناك واحدة من النساء أمثال الآنسة كافل.» ا.ه كلام زوجة الطبيب.
وقد حدثت هذه الحادثة في شهر أبريل سنة 1919، فإن السلطة العسكرية كانت صرحت بمظاهرة نسوية ثم منعتها، ومنشؤها رغبة السيدات المصريات في تقديم احتجاج لقناصل الدول، فلما صدر الأمر بمنعها أحاطت بالمظاهرة صفوف من الجند الإنجليز الذين أخذوا يطاردون الجماهير في شوارع قصر العيني وشارع سعد زغلول وما حولهما، وقد حاصر الجنود هؤلى السيدات ومنعوهن عن التقدم نحو غايتهن ومن العودة إلى منازلهن فتقدمت واحدة منهن، وقد قيل إنها السيدة أستير ويصا ابنة المرحوم أخنوخ فانوس الذي كان أخطب الأقباط، وأثبت محمد صبري المؤرخ المصري في ص43 من كتابه «الثورة المصرية» أنها السيدة هدى هانم شعراوي؛ فقد تقدمت تلك السيدة وكشفت عن صدرها كما كانت تفعل إحدى الرومانيات أو العربيات، وقالت: «اقتلني ليكون في العالم ميس كافل أخرى.» وقد رأيت بنفسي هذه المظاهرة بصحبة قاض مصري (الآن مستشار بالاستئناف) كانت زوجته بين هؤلاء السيدات، وقد بقين ساعتين تحت وهج الشمس، ولولا تدخل قنصل أمريكا وقنصل إيطاليا اللذين لجأت إليهما صفية هانم زغلول ما تمكن السيدات من العودة إلى منازلهن. وأثبت المؤلف السالف الذكر أن فتاة مصرية خطبت بالفرنسية أمام حفل من الأجانب على شرفة فندق شبرد، فقالت: «إنني لن أتزوج لئلا ألد ولدا يكون عبدا للإنجليز.» وأنا أرجح أن صاحبة الحادثة الأولى هي أستير.
ورأينا عشرات المرات طوائف من النساء المصريات العاميات راكبات على مركبات النقل، يطفن بالشوارع مهللات فرحات، وحولهن الأعلام الخافقة «كانت حملة وانشالت يا سيد!» يقصدن بذلك إلى زوال الاحتلال الإنجليزي. وقد كانت هذه النداءات والهتافات والأغاني صادرة عن إخلاص وسلامة فطرة فحركت في نفوس كل من رآها أسمى العواطف واستمطرت الدموع من العيون، ولكنها كانت سابقة لأوانها واأسفاه!
فحق للسيدة جان ديفراي أن تدهش مما لم تكن تحلم به قبل اليوم.
المصرية بين الثورة والتبرج
غير أن المرأة المصرية مزيج من المرأة العربية والمرأة المصرية والمرأة التركية، وهي سريعة الانفعال والتأثر وجديرة بأن تشعر بما شعرت به إبان الثورة المصرية، وقد ثابر بعضهن على العمل في صفوف المجاهدين في سبيل الإصلاح السياسي أو الإصلاح الاجتماعي. ولكن حب النفس والغيرة قد تؤثر في بعضهن فتختط كل منهن خطة تورثها الظهور والشهرة ولا تود أن تعمل هادئة في الصفوف، وذلك لمجرد شعورها بمكانتها أو ثروتها أو طيبة أرومتها، فهي لا تريد أن تخضع لأحد ولا أن تكون مرءوسة لأحد.
ناپیژندل شوی مخ