176

ختیځ ژوند

حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره

ژانرونه

وقد ضم كلمة الأحزاب وعقد مؤتمرا أثبت به اتحاد الأحزاب وإجماعهم على سياسة واحدة. وقد عمل على تخليص ألف وخمسمائة من الإندونيسيين الذين نفوا إلى غينيا الجديدة بسبب الفتنة الشيوعية في سنة 1923 في بلدة دوجل، ولكن كل جهوده ذهبت أدراج الرياح. وفي سنة 1926 ألف سوكارنو حزبا جديدا وما زال يعمل إلى سنة 1929، ففي 29 ديسمبر سنة 1929 وهو يوم تاريخي ألقي القبض على أربعة من الزعماء وفي مقدمتهم سوكارنو، وقد دخل عليه رجال البوليس في غرفة نومه، وساقوه إلى السجن بعد أن فتشوا امرأته التي كانت بثياب النوم. وبقي في السجن إلى محاكمته، وقد دامت أكثر من ستين جلسة، وفي نهايتها حكم عليه في ديسمبر سنة 1930 بالسجن أربع سنوات هو ومن معه، ولا يزال الاستئناف معلقا. وفي أثناء محاكمته شهد له موظفان هولنديان من أكابرهم وفي ختام شهادتهما صافحاه، فقامت عليهما قيامة الصحف الاستعمارية التي كان مندوبوها يشهدون المحاكمة وطلبوا عزلهما.

وفي تلك المدة كتب الدكتور صوماتا وهو زعيم آخر مقالا في جريدته يقول: «أمكة أم دوجل؟» ودوجل هي معتقل المذنبين السياسيين وهو يقدسها ويفضلها على الكعبة، لأن المسلمين يذهبون إلى الكعبة فيدفعون ضرائب ونقودا، أما دوجل فهي مأوى الأحرار الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل وطنهم وقد جن ثلثهم ومات ثلثهم رغم أنفه وبقي الثلث الآخر بين الهلاك والرحمة.

وقد غضبت جماعة «الشركة الإسلامية» لهذه المقارنة وهذا التفضيل، ويظهر أن هذه المقالة بداية نزوع البلاد إلى العصبية الجنسية دون العصبية الدينية وظهور فكرة الوطنية فوق فكرة الجامعة التي أساسها المعتقد.

أما عدد الهولنديين في إندونيسيا فلا يتجاوز 150 ألفا بين موظفين وتجار وقاطنين، عدا عن جيش عدد جنوده 35000 تام العدد والعدد وأسطول صغير من السفن الحربية التي تجوس خلال الجزر.

ومن الهولنديين أحرار كما هي العادة يعطفون على الإندونيسيين ويدافعون عنهم، ومنهم من ينصح لدولته بالتخلي عن البلاد، ولكن هؤلاء وأولئك زينة وديباجة وحلية في كل دولة استعمارية، ولعلهم يقولون بهذا ما داموا بعيدين عن السلطة، حتى إذا بلغوها انقلبوا أشد وأفظع من المحافظين الذين يطعنون على حكومتهم الآن.

الحضارمة في الهند الشرقية يجمعون المال

وفي جاوا جالية كبيرة من العرب أهل حضرموت، وهو صقع في شرقي اليمن كثير الجبال كثير الوديان وبه مدن خربة عليها كتابات بالخط المسند. وهؤلاء الحضارمة أشبه الناس بالأروام بل هم أروام الشرق، من حيث البراعة في التجارة والحصول على الأموال بطرق عجيبة قوامها الاقتصاد الشديد. وحيثما أقاموا كانوا أغنى الناس، وتعرف أسماؤهم بتقديم لفظة «با» عليها فيقال: باجنيد وبازرعة وغيرهما. وفي سنجابورة وجاوا أسر من هؤلاء الحضارمة بلغت ثروتها عشرات الملايين من الروبيات، وقد يكون أعظمهم ثروة من الأميين الذين لا يدرون القراءة والكتابة. ولهم قصور ومتاع وبساتين يعجز اللسان عن وصفها بمحتوياتها الفخمة الثمينة، ويملك بعضهم ثلث البلد أو نصفها، وفي الأحوال العادية يكون نحو 300 عمارة من أملاكهم خالية، فما بالك بالمشغول؟! وجاء أحدهم بسبعين روبية في كيسه منذ خمسين عاما، فإذا هو الآن قابض على زمام الحركة التجارية الشرقية في الهند والصين وسنجابورة وجاوا وستريت ستلمنت وغيرها، وتقدر ثروته بالملايين. ومن هؤلاء من قال عنهم الأمير شكيب أرسلان في ص7 من كتابه «سر تأخر المسلمين»: «ويقال إن العرب في جزيرة سنغافورة هم أعظم ثروة من جميع الأجناس التي تساكنهم حتى من الإنجليز أنفسهم بالنسبة إلى العدد.»

ولكن يظهر لنا أن هؤلاء العرب قد انحصر همهم وهمتهم في جمع المال لأولادهم وأحفادهم دون أن يعملوا على ترقية شئونهم، فقد علمنا أنهم يبنون قصورا فخمة في عاصمة بلادهم حيث يعيش أهلهم في رغد من العيش كما يعيش أهل المهاجرين من سورية ولبنان في وطنهم على أرزاق أقاربهم التي يحصلون عليها في المهجر، وقيل إن هذه القصور نادرة المثال في بلاد العرب. ولكن لم يحاول أحدهم ترقية شئون المسلمين كأنهم بمعزل عن الحياة السياسية والاجتماعية والأدبية التي لها الشأن الأعظم في العالم المتحضر، وكأن حضرموت «وطن قومي» حصل عليه الحضارمة بغير وعد بلفور! والعرب الحضارمة يرجعون في أنسابهم إلى ثلاث فصائل: عرب عدنانيون وهم السادة الحسينيون، وعرب قحطانيون ينتمون إلى عدة أفخاذ من قبائل العرب التميميين والنهديين والجعديين وغيرهم، وفصيلة ثالثة بعضها عرب تهاونوا في حفظ أنسابهم فنسوها وبعضها خليط من موالي الفرس والهند ورقيق الحبشة والسودان، وهذه الفصيلة يصفها الحضارمة ب «الضعفاء» و«المساكين». ولكل فصيلة من الفصائل الثلاث وظيفة معينة في حضرموت، كأنهم طبقات كالتي تعيش في الهند

caste . (1)

السادة الحسينيون، وظيفتهم دينية بحتة يقيمون الصلاة ويعمرون المساجد ويلقنون المعتقدات ويمارسون العبادات وهم بمثابة الكهنة. وهذه أرستقراطية دينية. (2)

ناپیژندل شوی مخ