157

ختیځ ژوند

حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره

ژانرونه

ومنذ سنة 1925 عاش عمر المختار ورجاله تحت الحصار وكان عددهم ثلاثة آلاف وعدد أعدائهم عشرة أضعاف من البيض والحمر والسود، وقد بلغ الجيش المقاتل للمختار في بعض الأحيان ستين ألفا فتغلب عليهم. وكان أشجع الرجال وأخلصهم بشهادة خصومه في صحفهم وتقريراتهم الحربية.

وقد حارب المختار عشرين عاما من سنة 1911 إلى سنة 1931، فهو أشبه الناس بالأمير عبد القادر ينقصه العدد والعدد، وهناك الفرق بين الدولتين الأوروبيتين المحاربتين، فإن إيطاليا لم تجد ما يكفي من المراعاة في معاملة الأسير بالإحسان والمجاملة وهو شيخ في الثمانين لم يعمل أكثر من الدفاع عن حرية بلاده، ولو كان إيطاليا لشادوا بذكره ورفعوه إلى مصاف الأرباب كعادتهم في عبادة البشر من قديم الزمان، فقد ألهوا بعض القواد والإمبراطرة. وإن مأساة طرابلس تذكرنا بحروب قرطاجنة، فإن الطليان قضوا عشرين عاما في محاربة هذه البلاد وعدد أهلها أربعون مليونا وأهل طرابلس لم يزيدوا على مليون ونصف مليون، وقد أفنت الحرب ثلثيهم ولم يبق إلا الثلث الأخير.

ولم يكتف الطليان بذلك بل اجتاحوا واحات السنوسية وزواياها وصادروا أموالها وشتتوا شمل الأطفال والنساء والشيوخ وألقوا بالأسرى من أعلى الجو من الطيارات ورموا بعشرات منهم مقيدين بسلاسل الحديد إلى قاع البحر، وعصبة الأمم صامتة كأنها عجوز صماء بكماء، ودول أوروبا المتمدنة محافظة على الحياد وحكومات الشرق أضعف من أن تحرك ساكنا ولو بالاحتجاج المجرد. والأعجب من ذلك أن من يحتج على هذه المظالم ولو في بلاد الشرق يطرد وينفى ويعامل معاملة المتشردين والأشرار!

ونستون تشرشل يطعن نائبا

ألف أحد كتاب الألمان كتابا اسمه «مهدي الله» في تاريخ أحمد محمد الدنجلاوي الذي ادعى المهدية في السودان وقهر الحكومتين الإنجليزية والمصرية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وطرد الجنود الأجنبية من وطنه، ومهد الطريق بقتل غوردون لفتح السودان على يد الإنجليز عقيب دسائس وفتن دامت ربع قرن تقريبا ولا نزال نقاسي نتائجها المريرة.

وقد لجأ المؤلف الألماني إلى ونستون تشرشل الوزير الإنجليزي السابق فكتب لكتابه مقدمة؛ لأن تشرشل كان في حرب السودان التي انتهت بفتحه في 1899 مكاتبا لإحدى الجرائد الإنجليزية، وشهد عن كثب بعض حوادث السودان وطالع شئونه في نهاية عهد التعايشي خليفة المهدي، وقد ساح في أفريقيا بعد ذلك وزار السودان مرات، وكان وزيرا للمستعمرات، وكل هذا جعل المؤرخ الألماني يظن تشرشل خبيرا بأمور السودان واختصاصيا في تاريخ الفترة المهدية.

فانتهز تشرشل هذه الفرصة وطعن في محمد بن عبد الله طعنا بذيئا وتهجم على الدين الإسلامي دين السعادة والهدى، قال وناقل الكفر ليس بكافر وإنما نقلنا قوله لنفحمه بالرد عليه:

إن حياة المهدي محمد أحمد السوداني هي على العموم صورة مصغرة لحياة النبي

صلى الله عليه وسلم

المملوءة بغرائب الحوادث من مواقع دموية وانتصار بالسيف.

ناپیژندل شوی مخ