ختیځ ژوند
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
ژانرونه
والإنجليز ينظرون من زمن طويل إلى البصرة بعين الشراهة والاغتصاب، لأنها رأس الخليج الفارسي ورأس العراق، وقد فصلنا أهمية الخليج الفارسي في نظر السياسة الإنجليزية ولهم فيها تاريخ حافل بالدسائس، ولم يستميلوا جانب خزعل ومبارك الصباح إلا لأجل الاستيلاء على البصرة، وكانت الفكرة تجول في صدر تشرشل فأشار إليها في خطبة البرلمان التي جعلها مفتاحا لسياسة إنجلترا في العراق قبيل تتويج فيصل بأيام، حيث قال: «وكذلك قد طلب البعض فصل البصرة عن العراق ووضعها تحت إدارة بريطانية تامة، ولا نرى أن هذا الأمر أيضا ممكن لأنه يخالف مصلحة الحكومة الوطنية إجمالا.»
وكانت هذه الحركة الانفصالية بلا ريب حركة تهديدية أوعزت بها دار الانتداب لتخويف أحرار العراق، كما أن هجوم الوهابيين كان المقصود به إرهاب القبائل العراقية من الإخوان، ولكن هذين الحادثين لم يفتا في عضد العراقيين المطالبين بالاستقلال وإلغاء الانتداب.
وقد أمضيت المعاهدة في 10 تشرين 1922، والمعاهدة يمكن تلخيصها في كلمتين وهما: «إن إنجلترا تمد حكومة العراق بالمال والسلاح والمساعدة الفنية والنصيحة الحسنة في الإدارة، وفي مقابل ذلك تقبل العراق نصيحة إنجلترا وتطيع أوامرها» وبعبارة أخرى تستقل العراق عن كل دولة في العالم ما عدا إنجلترا، وهذه بعينها كانت سياسة الاحتلال في مصر.
واللذان وقعا على المعاهدة هما سير زكريا كوكس المعتمد السامي وسير عبد الرحمن النقيب رئيس وزراء العراق، وهي في ثمانية عشر بندا.
وصدر الأمر بالانتخابات ووضع قانون مجلس التأسيس الذي تألف من مائة نائب، ودعت الحكومة أهالي العراق لقيد أسمائهم في دفاتر الانتخاب فقام علماء النجف والكاظمية وأفتوا بمقاطعة الانتخابات وعلقوا دخول الانتخابات على شروط، منها إلغاء الحكم العرفي وإطلاق حرية الاجتماع والنشر وعقد الجمعيات السياسية، فلم تذعن الحكومة لهذه الشروط، وكذلك لم تقبل الأمة على الانتخاب، وضاقت الحكومة ذرعا بالحال فاستقالت وزارة النقيب وتألفت وزارة عبد المحسن السعدون فنشر هذا الوزير منهاج وزارته وهو منهاج حر، ولكن قول الوزارة أكثر من فعالها فاستمرت حركة المقاطعة لا سيما وأن الحكومة لم تسحب المستشارين الفنيين من الألوية ولم تستدعهم إلى بغداد، فسنت الحكومة نظام التفتيش الإداري ولكن هذا لم يغير شيئا من نظام الإدارة في الألوية.
ثم حدد زمن المعاهدة بدلا من عشرين سنة كنص البند 18 بدخول العراق في عصبة الأمم (3 أيار 1923) أو على أثر انتهاء أربع سنين تبدأ من تاريخ إبرام الصلح مع تركيا وأخذت الحكومة تستعطف رؤساء العشائر في دخول الانتخاب فأبوا فنفت بعضهم.
وفي ربيع سنة 1924 أيقنت الحكومة الإنجليزية أن سير زكريا قد أتى غاية جهده، وأنه وإن لم يوفق في نهاية الأمر إلى ما كان يظن أنه ناجح فيه فقد كفاه فخرا أنه ألف حكومة مؤقتة ونصب لعهده على العراق ملك، وعقد المعاهدة بين الحكومتين ... وحل محله دوبس وهو أضيق من ناب عن الإنجليز في العراق عطنا، وقد ضايق كل من احتك به من الملك فنازلا.
أما أهل العراق فقد أكرموا زكريا كوكس عند سفره كعادتهم وأهدوا إليه تمثالا لمنارة السيدة زبيدة من الذهب الخالص ونخلة من الفضة عليها تسعة عذوق من الذهب إشارة إلى السنوات التسع التي عالج أثناءها شئون العراق.
أما دوبس فقد خدم هو أيضا في الهند من سنة 1896 وتنقل بين ميسور وإيران وسيستان وبلوخستان وهيرات.
اعتراف أهل العراق بالجميل لسير زكريا
ناپیژندل شوی مخ