قال: «لو كان راويه كاذبا دجالا ...»
قلت: «صه! ذلك رجل مات فدع عنك ذكره، وحدثني بخبرك ووجه الحق فيه!»
قال: «قد علمت أنك على نية إصدار كتاب عن المؤثرات السياسية في جيل من الأدباء، فصحح عني بعض ما رويت واذكر أنني لم أكن صنيعة الإبراشي باشا، وإنما عرف مكاني وهيأ لي أسبابي توفيق نسيم باشا ...!»
قلت: «ولكن ذلك ليس من شأني، فماذا يعنيني أن يكون الذي هيأ لك الأسباب هو الإبراشي أو توفيق نسيم، وإنما حديثي عن الرافعي أو عن المؤثرات السياسية في الأدب!»
فعض الشيخ على شفته وتريث برهة، ثم لطف أسلوبه ورق، وقال: «أنا أعني ...» ثم عاد إلى الصمت ليستأنف حديثه بعد قليل قائلا: «أنت تعرف أن الموظفين في القصر ينبغي ألا تعلق بأسمائهم شبهات سياسة، فلست أحب أن يذكر اسمي إلى جانب اسم الإبراشي باشا ...»
قلت: «قد فهمت! ...» فهل فهم القراء؟
نعم، فقد كان الإبراشي باشا يومئذ موضع السخط، على حين كان المرحوم توفيق نسيم باشا في موضع الرضا والحظوة، فلا بأس أن يذكر أن عبد الله عفيفي كان صنيعة توفيق نسيم لا صنيعة الإبراشي!
وقد قلت في التمهيد لهذا التاريخ: إنني راوية لا صاحب رأي، فلأذكر إذن أن كل ما كان بيني وبين عبد الله عفيفي - رحمه الله - من الخلاف هو: من الذي اصطنعه!
الرافعي والعقاد ... إنه ليتفق لهذا الكاتب من أساليب البيان ما لا يتفق لكاتب من كتاب العربية في صدر أيامها!
عباس محمود العقاد ... ذلك كان رأي العقاد في أدب الرافعي قبل بضع عشرة سنة من هذه الخصومة التي أروي خبرها، وشتان بين هذا الرأي يبديه العقاد سنة 1917 في مقال ينشره ليعرف بكتاب من كتب الرافعي أنشأه في ذلك العهد، وبين رأيه الأخير في المهذار الأصم مصطفى صادق كما يصفه في سنة 1933. •••
ناپیژندل شوی مخ