وذهب إلى زوجه فحدثها وحدثته، وأفضى إليها بخبره وكشف لها عن نفسه، ثم قال: وأنت يا زوجتي، هل يخفى عليك مكانك مني؟ ولكن ...
واستمعت إليه زوجته هادئة مطمئنة ... ثم أذنت له ... وكتب الرافعي رسالته الأولى إلى صاحبته التي غلبته على قلبه، وقرأت زوجته الرسالة وطوتها وأرسلت بها إلى صندوق البريد ...
وجاء جواب صاحبته فقرأته زوجته كما قرأت رسالته، وصار هذا دأبهما من بعد ... لا ترى زوجته لها حقا عليه إلا أن تعرف، ولا يرى على نفسه في ذلك ملامة ما دامت زوجته تعرف ...!
وأنشأ هذا الحب سلسلة من الطرائف في الأدب العربي تم بها نقص العربية في فلسفة الحب والجمال، هي «رسائل الأحزان» و«السحاب الأحمر» و«أوراق الورد»، ولكن أحدا لم يقرأ القصة الأخرى ... قصة هذا الوفاء وهذه التضحية؛ لأن الرافعي لم ينشرها فيما ألف من الكتب في فلسفة الجمال والحب ...!
من الشعر إلى الكتابة
ملكة الإنشاء - إنشاء الجامعة المصرية - تاريخ آداب العرب - إعجاز القرآن - حديث القمر - شيوخه في الأدب. ***
بلغ الرافعي الشاعر مبلغه بعد سنة 1905، ونزل منزله بين شعراء العصر، وجرت ريحه رخاء إلى الهدف المؤمل، فامتد نظره إلى جديد ...
وأخذ يروض قلمه على الإنشاء، لعله يبلغ فيه مبلغه في الشعر، فأنشأ بضع مقالات مصنوعة فتنته وملكت إعجابه، فتهيأ لأن يصدر كتابا مدرسيا في الإنشاء سماه «ملكة الإنشاء» يكون نموذجا للمتأدبين وطلاب المدارس، يحتذون فنه وينسجون على منواله، ووعد قراءه أن ينتظروه، وأحسبه كان جادا فيما وعد لولا أمور نشأت من بعد وصرفته عن وجهه، فظل الوعد قائما بينه وبين قرائه حتى نسيه ونسوه.
ولا أحسب أن شيئا ذا بال قد فات قراء الرافعي بعدم نشر هذا الكتاب، وحسب الأدباء والباحثين في التاريخ الأدبي أن يقرءوا من هذا الكتاب الذي لم ينشر، مقالات ثلاثا نشرها الرافعي في الجزأين الثاني والثالث من ديوانه، وفي الجزء الأول من ديوان النظرات، إعلانا ونموذجا لكتابه، فإن في هذه المقالات الثلاث كل الغناء للباحث، تدله على أول مذهب الرافعي في الأدب الإنشائي، وطريقته ونهجه.
1
ناپیژندل شوی مخ