هي نقلة اجتماعية لا سبيل إلى إنكار أثرها في الرافعي وأدبه، وإن لم يفارق بيئته ومنزله وأهله.
والآن وقد وصلت إلى جلاء هذا المعنى كما شاهدته وعاينت أثره، فإني أتحدث عن ضرب من هذه الرسائل التي كانت ترد إلى الرافعي من قرائه، ليعرف الباحث إلى أي حد تأثر الرافعي بها، وأي المعاني ألهمته وقدحت زناد فكره، وإذا كانت بعض «الظروف الخاصة» قد حالت بيني وبين الاطلاع على كل هذه الرسائل التي خلفها لتتم لي بها دراسة التاريخ، فحسبي ما أقرأني الرافعي منها في أيام صحبته وما اطلعت عليه بنفسي من بعد ... •••
نستطيع أن نرد الرسائل التي كانت ترد على الرافعي إلى أنواع ثلاثة: (1)
رسائل الإعجاب والثناء. (2)
رسائل النقد والملاحظة. (3)
رسائل الاقتراح والاستفتاء والشكوى.
أما النوعان الأولان فليس يعنينا منهما شيء كثير، وحسبي الإشارة إليهما، على أنه ليس يفوتني هنا أن أشير إلى أن أكثر ما ورد إلى الرافعي من رسائل الإعجاب كان عن مقالاته في الزواج، وكان أكثر هذه الرسائل من الشبان والفتيات، وقلما كانت تخلو رسالة من هؤلاء وأولئك، من شكوى صاحبها أو صاحبتها وتفصيل حاله، وأطرف هذه الوسائل هي رسالة من آنسة أديبة كتبت إلى الرافعي تسأله أن يكتب رسالة خاصة إلى أبيها - وقد سمته في رسالتها - يعيب عليه أن يعضل ابنته ويرد الخطاب عن بابه حرصا على التقاليد ... ... ثم رسالة من «مأذون شرعي» يحصي فيها للرافعي بعض ما مر عليه من أسباب الطلاق في الأسر المصرية، ويردها كلها إلى سوء فهم الناس لمعنى الزواج وحرصهم على تقاليد بالية ليست من الدين ولا من المدنية، وفي هذه «الإحصائية» الطريفة قصص خليقة بأن تنشر لو وجدت من يحكيها على أسلوب فني يكسبها معنى القصة.
وأعجب ما قرأت من رسائل النوع الثاني، رسالة جاءته بعقب نشره مقالة «الأجنبية» عليها خاتم بريد «شطانوف»، فلما فض غلافها لم يجد فيها إلا صفحات ممزقة من عدد «الرسالة» الذي نشرت فيه القصة ومعها ورقة فيها هذه الأسطر:
سيدي الأستاذ
إن كان لا بد من رد فهذا هو خير رد، وإن كان لا بد من كلمة فكلمتنا إليك هي تلك الكلمة التي ختمت بها هذا الكلام المردود إليك.
ناپیژندل شوی مخ