د عیسى علیه السلام ژوند: په تاریخ کې او د نوي عصر کشفونه
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
ژانرونه
واتفق أن اللفائف كشفت، حيث لا تسمح الأحوال باستمرار البحث فيها والتنقيب عن بقاياها، في مطلع سنة 1947م؛ لأنها كشفت بوادي القمران من شرق الأردن، وتفاقمت يومئذ مشكلة فلسطين، فحالت دون البحث الهادئ، والتنقيب المأمون في ذلك الجوار، ولم يتصل خبر تلك الكشوف الهامة بشيء من التفصيل أو البيان المفهوم، إلا بعد استئناف البحث فيها، والاشتغال بدراستها حوالي السنة التي ألفت فيها كتابي هذا، وهي سنة 1952م.
فلما علمت بنبأ هذه اللفائف في وادي القمران، توقفت عن إعادة طبع الكتاب قبل أن تتهيأ لي فرصة كافية للاطلاع على مضامين اللفائف والاستفادة مما عسى أن تسفر عنه من دفائن التاريخ المجهول. وفيها، كما قيل يومئذ، كتاب كامل من العهد القديم، وتعليقات على كتب أخرى، ودفتر واف بالوصايا والأوامر عن آداب السلوك، بين زمرة دينية تشبه الزمرة المسيحية الأولى في الشعائر والعبادات.
ولم يكن هذا التوقف عن البت في الموضوع المرتهن بنتيجة الاطلاع على لفائف وادي القمران؛ ليثنيني لزاما عن متابعة البحث في أسرار النبوة كما بدأت على عهد الخليل إبراهيم وعهد موسى الكليم، فإن البحث في هذه الأسرار على عهد الخليل، يبتدئ بنا من البداءة الأولى، ويقترب بنا من مطالعها أو ينابيعها التي تقدمت قبل جميع الينابيع، ودراسة النبوة على عهد موسى الكليم تفتتح عهودا من النبوءات بلغ فيها عدد الأنبياء المتلاحقين العشرات بل المئات، ولكن تاريخ موسى الكليم أيضا قد يتصل من كثب بتاريخ اللفائف بوادي القمران، إذا كان منها، كما قيل، لفائف تتضمن كتبا من التوراة، وقطعا من الكتب الخمسة المشهورة باسم الكتب الموسوية، وكان العثور على نسخ من هذه الكتب عند استئناف الكشف عنها أملا يساور العلماء الحفريين واللاهوتيين، ففضلت من أجل هذا أن أرجئ الكتابة عن موسى - عليه السلام - مبتدئا بالكتابة عن الخليل إبراهيم، وسميت كتابي عنه «بأبي الأنبياء»، وانتهيت فعلا من البحث في تفاصيله إلى تقرير العلاقة الحاسمة بين مدن القوافل، والبيئة الصالحة لتلقي الرسالة النبوية، إذ كانت للخليل علاقات متتابعة بكل مدينة من مدن القوافل الكبرى في زمانه، وكان انتقاله من «أور» إلى جوار بعلبك وبيت المقدس، ومدن الطريق بين سيناء والحجاز، سلسلة من الشواهد البارزة، تلفت النظر إلى هذه الحقيقة، وتجلوها على صورها المتقاربة أتم جلاء.
أما الموضوع الذي توقفت عن المضي فيه ريثما تستقصيني موارده الجديدة، فقد كان يتوقف حوالي سنة 1953م على مصادر ثلاثة: أهمها لفائف وادي القمران، ومنها تراجم العهدين القديم والجديد المنقحة في اللغات الغربية، ومنها سيل لم يكن ينقطع في تلك السنة من مؤلفات المفكرين الدينيين وغير الدينيين عن السيد المسيح من وجهة النظر العصرية بعد الحرب العالمية الثانية.
وقد كنا نقرأ في الصحف والنشرات أن لفائف وادي القمران تشتمل على نسخة كاملة من كتاب أشعيا، ونسخة مقروءة سليمة بعض السلامة من تفسير نبوءات حبقوق التي حققتها الحوادث التالية، وشذرات من تفسير كتاب ميخا، وقصى تسمى قصة الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلام، وأناشيد منظومة للدعاء والصلاة، ونسخة آرامية من كتاب غير معتمد بين كتب التوراة، وقصاصات متفرقة من كتب شتى تلحق بكتب العهد القديم، ونسخة مفصلة لآداب السلوك المرعية بين جماعة النساك الذين أقاموا زمنا بصومعة وادي القمران، وكلها مودعة في جرار كبيرة يوجد الكثير منها في بعض الكهوف المجاورة، ويبدو من أجل ذلك أنها قد تشتمل على ودائع من هذا القبيل، لا تقدر عند العلماء الحفريين وعلماء المقابلة بين الأديان وجمهرة اللاهوتيين على الإجمال.
ولو أن أحدا أراد أن يحيط بأطراف الكتب والرسائل التي تناولت مسائل البحث في تلك اللفائف خلال هذه السنوات الخمس، لما استوعبها جميعا، ولو فرغ لها كل وقته، وحسب القارئ العربي أن يعلم أنها بحثت من كل ناحية تشترك في موضوعاتها الدينية أو اللغوية أو التاريخية أو الحفرية أو الكيماوية أو الصناعية، ولم تخل منها لغة من لغات الحضارة الغربية، فقد تناولت البحوث مسائل الهجاء وقواعد الكتابة، واختلاط اللهجات واللغات، ومواد الورق والجلد والمداد واللصق والتجفيف، كما تناولت أسماء الأعلام، وما إليها من الألقاب والصفات، وما يقترن بها من تواريخ الشعوب والقبائل، ومواقع الأرض، وعوارض الجو والفلك، وأصول العقائد وشعائر العبادات في كل فترة على حسب حظها من الأصالة أو الاستعارة، وعلى حسب المصطلحات التي تلازمها ولا تعهد في غيرها، واتسع نطاق البحث إلى غاية حدوده لتحقيق نماذج البناء، وصناعة الآنية الفخارية، وعادات الأكل والشراب، وأزياء الكساء، ومواد الأطعمة، وثمرات النبات، وتراوحت تقديرات الزمن بين القرن الخامس قبل الميلاد والقرن الأول بعد الميلاد، ولم تستقر بعد كل هذا التوسع وكل هذا الإمعان والتدقيق على قرار وثيق.
ومن البديهي أننا لم نستوعب هذا الطوفان الزاخر من الفروض والنقائض، وعلى كل ما في هذه البحوث من مواضع المراجعة والعدول، ومواضع التشكيك والترجيح، بل نحن لم نشعر بضرورة الاستيعاب والاستقصاء كي نخلص منه إلى القول الجديد في تاريخ السيد المسيح، ولكننا عمدنا إلى نخبة من كتب الثقات التي ألمت برءوس المسائل، ولخصت محور الخلاف ومبلغه من الدلالة في كل مسألة منها، وخرجنا منها بالخلاصة المطلوبة فيما يعنينا، فكانت هذه الخلاصة أن الجديد في الأمر لا يزال من عمل السيد المسيح، أو من فتوحه المبتكرة في عالم الروح، وأن كل مشابهة بينه - عليه السلام - وبين مذاهب الدين قبل عصره، تنتهي عند الظواهر والأشكال، ولا تدل على فضل أسبق من فضله فيما ارتقت إليه عقائد الدين على يديه.
ولعل أرجح الأقوال التي خلصت إليها أكثر البحوث والمناقشات، أن نساك صومعة القمران كانوا زمرة من «الآسينيين» إحدى الطوائف المتشددة في رعايتها للأحكام الدينية، وانتظارها للخلاص القريب بظهور المسيح الموعود، وهذه هي الطائفة التي ذكرناها في «عبقرية المسيح»، فقلنا عنها ما فحواه أنها أقرب الطوائف الإسرائيلية إلى التطهر من أدران المطامع والشهوات، وأنهم «كانوا ينتظمون في النحلة على ثلاث درجات. وأن أحدهم يقسم مرة واحدة يمين الأمانة والمحافظة على سر الجماعة، ويحرم عليه القسم بالحق أو بالباطل مدى الحياة، وليس بينهم رئاسة ولا سيادة. والمادة عندهم مصدر الشر كله، والسرور بها سرور بالدنس والخباثة. وكانوا يتآخون ويصطبحون اثنين اثنين في رحلاتهم. وهم مؤمنون بالقيامة والبعث ورسالة المسيح المخلص، معتقدون أن الخلاص بعث روحاني يهدي الشعب إلى حياة الاستقامة والصلاح». ثم قلنا عنهم في سياق الكلام على زمرة المتنطسين بمصر
Therapeuts
إن هؤلاء المتنطسين، ربما كانوا أساتذة النساك اليهود المسمين بالآسين أو الآسينيين على قول بعض المؤرخين؛ لأننا رجحنا أن الاسم مأخوذ من كلمة الآسي بمعني الطبيب، وهي تقابل كلمة الثيرابيين اليونانية بمعنى المتنطسين.
ناپیژندل شوی مخ