د نوي نړۍ په فکري ژوند
حياة الفكر في العالم الجديد
ژانرونه
تألفت هذه الجماعة من سبعة فلاسفة في الولايات المتحدة،
17
تعاونوا على البحث المشترك، وخصوصا في الفترة الواقعة بين عامي 1916-1920م، وكزملائهم أعضاء «الواقعية الجديدة» في تعاونهم على مؤلف مشترك، أخرج هؤلاء أيضا مؤلفا اشتركوا فيه جميعا، عنوانه «مقالات في الواقعية النقدية»،
18
ثم أضافوا إلى هذا العنوان الرئيسي عنوانا فرعيا يعبر عن روح التعاون، وهو «دراسة تعاونية لمشكلة المعرفة»، وقد كان الاتفاق بين هؤلاء - كما كان بين أولئك - منصبا على موضوع البحث ووجهة النظر الأساسية، لا على التفصيلات التي ذهب كل منهم فيها مذهبه الذي قد يختلف فيه مع بقية الزملاء، فكان مما اتفقوا عليه جميعا أنه في بعض حالات المعرفة يمكن التمييز بين الشيء المعروف وبين الحالة الشعورية التي تكون عندئذ وسيلة للشخص العارف في معرفة ما يعرفه عن ذلك الشيء، فلئن كانت «الواقعية الجديدة» قد تنكرت تنكرا تاما لكل انقسام بين العارف والمعروف في حالة المعرفة، وأصرت على أن تجعل الموقف كلا واحدا لا تمييز بين طرفيه؛ فقد عادت «الواقعية النقدية» إلى الاعتراف بهذه الثنائية التي يمكن التمييز فيها بين الشخص العارف من ناحية والشيء المعروف من ناحية أخرى، لكنها إذ اعترفت بإمكان هذا التمييز، حرصت ألا تجعل الشخص العارف منحصرا في معرفته وفي حالته الشعورية بحيث يقال - كما تقول المثالية - إن كل ما يعرفه ذلك الشخص هو نفسه، وألا سبيل أمامه إلى معرفة ما في العالم الخارجي من أشياء، وذهبت إلى أنه على الرغم من أن الإنسان يتصل بالشيء الذي هو موضوع معرفته في حالة معينة، عن طريق حالته الشعورية - سواء كانت هذه الحالة الشعورية إدراكا حسيا أو إدراكا عقليا أو تذكرا لإدراك ماض - إلا أن هذه الحالة الشعورية المتوسطة بين الطرفين لا تحجب العقل العارف وراء ستار، بل إنه ليتصل بالشيء الخارجي ذاته، ومعنى ذلك هو القول بأن الشيء المعروف موجود في الخارج، وتجيء معرفتي إياه فتبصرني بهذا الوجود، دون أن تكون معرفتي هذه هي الخالقة له المنشئة لوجوده، بل هو موجود وجودا مستقلا سواء صادفه الشخص المدرك أو لم يصادفه، أضف إلى هذا أن ما أعرفه عن الشيء حين أعرفه إنما هو كل حقيقة الشيء، وليس الأمر هنا - كما ذهب «كانت» - مقصورا على إدراك الظواهر وحدها، دون الجوهر، أو ما أسماه «كانت» «الشيء في ذاته»، المعرفة الإنسانية إذا ما ألمت بشيء ألمت به كله ظاهره وخافيه، ولا تفرقة بين ما هو عرض وما هو جوهر.
وعملية المعرفة في كل حالاتها تبدأ عند بداية معينة، دون أن تكون هذه البداية نفسها جزءا من العملية المعرفية، كما يبدأ حل المشكلة بوجود مشكلة دون أن تكون المشكلة نفسها جزءا من الحل، وهذه البداية هي ما اصطلح الواقعيون النقديون على تسميته «بالمعطى»،
19
وها هنا نصل إلى صميم المذهب الواقعي النقدي، وهو التمييز بين الشيء المعروف وبين «المعطى» الذي يبعثه ذلك الشيء إلى الإنسان، فتبدأ به عملية المعرفة، هذا «المعطى» هو بطبيعة الحال حلقة شعورية وسطى تقع بين الشيء من ناحية ومعرفة الشخص له من ناحية أخرى، خذ مثلا إدراكي لهذا المصباح القائم أمامي، كيف أدركه؟ يأتيني منه انطباع على عيني، وهذا هو «المعطى»، وعندئذ أبدأ في «تفسير» ذلك الانطباع بأنه مصباح، فالمعطى نفسه ليس جزءا من عملية التفسير، كلا ولا هو المصباح القائم في الخارج، إنما هو حلقة الاتصال بيني وبين الخارج، وهنا أجد مواضع النقص في تحليل «الواقعيين الجدد» أو «الواقعيين السذج» - كما أطلق عليهم زملاؤهم النقديون - لأنهم قالوا إن الإنسان حين يدرك شيئا إنما يتصل به مباشرة بلا وساطة كائنة ما كانت، كأنما المصباح الذي أدركه الآن يدخل في رأسي بأكمله، مع أن الأمر يصبح - بعد التحليل - واضحا وهو أن ما أدركه عن المصباح صورة تصوره وتمثله، أو هو «المعطى» أو «المعطيات» التي يعطيها إياي المصباح، فتكون عندي نقطة ابتداء لعملية معرفتي له.
فمن رأي الواقعيين النقديين أنه لا بد من التمييز في عملية المعرفة بين «المعطيات» التي هي «حاضرات» في العقل، وبين «الأشياء» التي ليست بحاضرة في العقل إلا عن طريق الإنابة أو التمثيل؛ إذ ينوب عنها «معطياتها»، لكن هذا معناه اعتراف ببعض جوانب المذهب المثالي؛ لأنه اعتراف بأننا في حالة المعرفة نجاوز حدود الخبرة المباشرة؛ لأن الخبرة المباشرة هي معطيات، ثم نجاوزها إلى ما ليس فيها، لنقول: إن وراءها حقائق هي الأشياء الخارجية، لا، بل إنا لنذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في التجاوز لحدود خبراتنا المباشرة إذا ما تعرضنا لأي تفكير علمي من شأنه أن يصوغ القوانين العامة، فليس ما نخبره من الأشياء «قوانين عامة»، إن كل ما نخبره هو خبرة جزئية في لحظة جزئية هي اللحظة الحاضرة، فإذا توقعت ما سيحدث في المستقبل في ظروف معينة، وكذلك إذا تذكرت ما قد حدث في الماضي، فأنا في كلتا الحالتين لا ألتزم حدود خبرتي الجزئية المرتهنة باللحظة الجزئية الحاضرة، بل أجاوزها إلى ما ليس منها.
ومع ذلك فهم لا يودون أن يخلطوا بين أنفسهم وبين المثاليين؛ لأنهم واقعيون يعترفون بوجود العالم الخارجي مستقلا عن عقل الإنسان وأفكاره، ولا يوافقون على تفرقة المثاليين - وبصفة خاصة عمانوئيل كانت - بين الشيء من حيث ظواهره المدركة، والشيء في ذاته الذي هو مستحيل على الإدراك، لا يوافقون على هذه التفرقة، ويجعلون كل شيء جزءا من هذه الطبيعة؛ العقول المدركة والأشياء المدركة على السواء؛ وبالتالي ليس هنالك ما يصح أن يقال عنه إنه وراء الطبيعة أو فوقها أو مفارق لها بأي وجه من الوجوه.
ناپیژندل شوی مخ