الفصل الأول
نابوليون في نظر الطبيب
هذا كتاب عن نابوليون يروي للقارئ شيئا غير حروبه وفتوحاته.
فلقد قيل وأثبت الطب أن للصحة والمزاج تأثيرا كبيرا في حياة الإنسان وأعماله.
وهذا ما نريد أن نلم به في كلامنا عن الإمبراطور العظيم.
ولا يتوهم القارئ أن هذا البحث خلو من الفائدة العملية، فإن رجلا كنابوليون طبقت شهرته الآفاق، وترك طابعه على عصره والعصور التي تليه، ليس من الحكمة أن يغفل تاريخه الصحي أو تجهل حالة سلالته من هذه الوجهة، ولا سيما أنها تعد للباحث مثالا واضحا من الوراثة المرضية تتجاوز فائدته الطبية إلى المؤرخ، فقد ظهر اليوم بما لم يبق معه مجال للشك أن هذا المزاج الذي يسمونه: الأرتريتيكي (وسنعود إلى الكلام عنه) هو من أهم عوامل التقهقر في الأسر المالكة.
وقد كان نابوليون مقتنعا بتأثير الوراثة إلى حد أنه وهو على سرير الموت كان شغله الشاغل أن تتخذ الحيطة اللازمة لحماية ابنه من الداء الذي هد كيانه.
على فراش الموت (نابوليون يعطي للمارشال برتران السيف المعد لابنه).
ولذلك أوصى بتشريح جثته وفحص معدته بوجه خاص؛ لاعتقاده أن فيها مركز الداء، ولم يخطئ ظنه، كما أثبت التشريح المرضي بعد ذلك، فقد وجدوا قرحة سرطانية في المعدة، كما وجدوا أثرا للسلال في رئته.
واجتماع العلتين؛ أي السرطان والسل، لم يكن معروفا فيما مضى، أو بالأحرى لم تكن الآراء متفقة عليه، أما اليوم فقد أصبح من الأمور المقررة إمكان اجتماع الداءين في الجسم الواحد.
ناپیژندل شوی مخ