فيغلب الورد على الياسمين
وما كادت تنشد البيتين يا سيدتي حتى انبرت لها فتاة طلقة اللسان، حاضرة الخاطر قوية العارضة تقول: إنني لا أريد أن أباهي بمدينتي يا سيدتي، فكل ما يشرف بقعة من الأندلس يشرفني، والشعر والأدب ليس لهما وطن، ونحن نعتز بأشعار المشارقة كما نعتز بأشعارنا، ولكن الشاعر الإشبيلي الذي أطنبت في الثناء عليه لا يصل إلى مواطئ أقدام شاعرنا ابن زيدون. أما بيته الأول فهراء مكرر لم يرد به إلا الدخول على البيت الثاني، وكلمة «بلا مرية» حشو سخيف. على أني لا أرى في البيت الثاني إلا معنى مبذولا ملقى على الطرق، فتشبيه الخد بالورد والياسمين تشبيه قديم، سئم منه الشعر، ومجه الشعراء. فأسرعت مريم تقول: نعم يا فتاتي، إن تشبيه الخد بالورد والياسمين قديم، ولكن الشاعر كون من هذا التشبيه صورة جديدة، هي صورة ما يدرك الحبيب من الخجل عند ملاقاة حبيبه فجأة، فتطغى حمرة خديه على بياضهما.
فهزت الفتاة رأسها في عناد وقالت: وتعجبك «لا سيما» هذه التي جاءت في أول البيت فكانت أشبه بعبارات الفقاء؟ أين ذلك يا سيدتي من قول ابن زيدون؟
ألداعيك مجيب؟
أم لشاكيك طبيب؟
يا قريبا حين ينأى
حاضرا حين يغيب!
كيف يسلوك محب
زانه منك حبيب؟
إنما أنت نسيم
ناپیژندل شوی مخ