ومثال ذلك : ما أخبرنا به الشيخ أبو أحمد ، حدثنا أبو بكر السراح النحوي قال : قال لنا إبراهيم بن البحتري : قال لنا عمر بن شبة : كنا نكون عند الأصمعي فيجيء أصحابنا : الرياشي ، والزيادي ، والمازني ، والجرمي ، والسدري ، والسجستاني ، والخلق ، فيجلس في دهليز وفي الدهليز تراب ، قدر عظيم الذراع ، فتسفي الريح علينا التراب ، فيدخل في رؤوسنا .
فقال لنا يوما وقد رأى ما نحن فيه :
كان يقال : إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض ، أن الرياح تجلب ترابا من أرض غريبة إلى أرض أخرى . قال الأصمعي : فشعوركم الآن تزكو بهذا التراب .
فقال الرياشي : انظروا إلى ابن الفاعلة ما يصنع بنا ، وكيف يستخف بنا ويسخر منا .
قال أبو هلال : سميت الرياح : المؤتفكات ، لأنها لا تتماسك ، وأصل هذه الكلمة : عدم التماسك . وسمي الكذب إفكا ، إذ كان يدل على نفسه بالفساد والبطلان ، كأنه لا يتماسك .
مخ ۵۶