حاشیې الترتيب لأبي ستة
حاشية الترتيب لأبي ستة
الباب الثامن والأربعون في جامع الصلاة قوله: (لا صلاة في المقبرة) يعني أن الصلاة فيها غير جائزة، فالنهي هنا محمول على التحريم لقوله عليه السلام: (لعن الله أقواما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولا يجوز الصلاة عليها دائما وأبدا، قال في الإيضاح: ولو قلعت من أصلها واستأصلها السبيل لأنها مقبرة لا يزول عنها اسم المقبرة لقوله تعالى: )وإذا القبور بعثرت( فسماها يوم القيامة قبورا مع أنها درست ودرس ما فيها، والله أعلم.
وما دفن على الحجر والتعدية فليس له حرمة وإذا زالت قبورهم حتى لا يبقى منها شيء جازت الصلاة على ذلك المكان، وكذلك من لا يلزمهم حقوقه مثل المشركين والبغاة والأقلف إلى آخره.
قوله: (ولا في المجزرة) يعني بكسر الزاء (ولا في معاطن الإبل) المراد بمعاطن الإبل مجتمعها عند الصدور عن المنهل كما في القواعد، وقال غيره: مواضع إقامتها عند الماء، وروي عن أحمد أنه قال ومأواها مطلقا.
قال في القواعد: واختلف في علة نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل دون مرابض الغنم فقيل: لأجل نجاستها، وقيل: لا يؤمن نفارها، وقيل: زفورتها، وقيل: سكونها يستتر بها في العادة عند قضاء الحاجة، وقيل: لأنها من جن خلقت، إلخ.
ومرابض الغنم قال ابن حجر: أي أماكنها وهو بالموحدة والضاد المعجمة جمع مربض بكسر الميم، إلى أن قال: كان يحب الصلاة حيث أدركته أي حيث دخل وقتها سواء كان في مرابض الغنم أو غيرها، وبين هنا أي في حديث البخاري أن ذلك كان قبل أن يبني المسجد ثم بعد بناء المسجد صار لا يحب الصلاة في غيره إلا لضرورة، وقال ابن بطال: هذا الحديث حجة على الشافعي في قوله بنجاسة أبوالها، لأن مرابض الغنم لا تسلم من ذلك، وتعقب بأن الأصل الطهارة، وعدم السلامة منها غالب، وإذا تعارض الأصل والغالب قدم الأصل إلخ، وهذا التأويل لا بد منه على مذهب أصحابنا رحمهم الله، والله أعلم.
مخ ۲۸