حاشیې الترتيب لأبي ستة
حاشية الترتيب لأبي ستة
قوله: (فهدانا الله إليه) قال ابن حجر: يحتمل أن يراد بأن نص لنا عليه، وأن يراد الهداية إليه بالاجتهاد، ويشهد للثاني ما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن محمد بن سيرين قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة فقالت الأنصار: إن لليهود يوما يجتمعون فيه كل سبعة أيام وللنصارى مثل ذلك فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه فنذكر الله تعالى ونصلي ونشكره فجعلوه يوم العروبة وأجمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ، وأنزل الله بعد ذلك )إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة( الآية، وهذا وإن كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة وصححه ابن خزيمة وغير واحد من حديث كعب بن مالك قال: (كان أول من صلى بنا يوم الجمعة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسعد بن زرارة) الحديث، فمرسل ابن سيرين يدل على أن أولئك الصحابة اختاروا يوم الجمعة بالاجتهاد، ولا يمنع ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علمه بالوحي وهو بمكة فلم يتمكن من إقامتها ثم فقد ورد فيه حديث عن ابن عباس عن الدار قطني ولذلك جمع بهم أول ما قدم المدينة كما حكاه ابن إسحاق وغيره، وعلى هذا فقد حصلت الهداية للجمعة بجهتي البيان والتوفيق، وقيل في الحكمة في اختيارهم الجمعة وقوعه خلق آدم فيه، والإنسان إنما خلق للعبادة فناسب أن يشتغل بالعبادة فيه، ولأن الله تعالى أكمل فيه الموجودات، وأوجد فيها الإنسان الذي ينتفع بها فناسب أن يشكر على ذلك بالعبادة فيه، انتهى.
قوله: (اليهود غدا والنصارى بعد غد) قال ابن حجر: في رواية أبي سعيد المقري عن أبي هريرة عند ابن خزيمة (فهو لنا ولليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد) والمعروف أنه لنا بهداية الله تعالى، ولهم باعتبار اختيارهم وخطئهم في اجتهادهم.
مخ ۳