202

حاشیې الترتيب لأبي ستة

حاشية الترتيب لأبي ستة

وقال في محل آخر: "واختلفوا في كيفية عذاب القبر: فقيل: السؤال للروح دون الجسد، وقيل: يكون الروح في الجسد إلى الصدر، وقيل: يكون الروح بين الكفن والجسد، وقيل: يمكن أن يؤخر إلى البعث والله أعلم بما حكم على عباده، وروي أن النبي عليه السلام كلم قتلى بدر فقيل: يا رسول الله هم أموات، فقال: "والذي نفسي بيده إنهم لأسمع لهذا الكلام منكم إلا أنهم لا يقدرون على الجواب". قالوا: فكل من آمن بالله والوحي والملائكة فكيف لا يجوز هذا في الميت؟ قالوا: فكما أن الملائكة لا تشبه الآدميين والحيوانات، فالحيات والعقارب التي تلدغ في القبر ليست من حيات الدنيا وإنما هي من جنس آخر يدرك بحاسة أخرى، إلى أن قال: ويمكن أن تكون الصفات المهلكات في الإنسان تنقلب مؤذيات <1/214> كلدغ الحيات من غير وجود الحيات، كما أن العشق إذا مات المعشوق انقلب صفة مؤذية محزنة للعاشق، ومثل عذاب القبر والتنعم فيه في حق الميت مثل لدغ الحية في حق النائم وتنعمه بوقائع جارية في نومه، ولا يرى حية حوله ولا وقائع جارية، فالعذاب والتنعم حاصلان ولكنهما غير مشاهدين في حق اليقظان، وهذا الذي قاله أصحاب الحديث في عذاب القبر ليس في الشرع ما يبطله، ولا في العقل ما يحيله، وقد روي أن النبي عليه السلام قال: “لو نجا أحد من عذاب القبر لنجا منه سعد بن معاذ، ولقد ضغط ضغطة اختلفت منها أضلاعه”، وقال في ابنته زينب: “إن الله قد خفف عنها، ولقد ضغطت ضغطة سمع صوتها ما بين الخافقين”، إنها أقوال فعلى هذا يكون المستعاذ منه في عذاب القبر دوامه أو شدته أو نحو ذلك. والمناسب لكون قبر المؤمن روضة من رياض الجنة أن لا يحصل له فيه ضرر أصلا، لكن لا حظ للنظر مع وجود الأثر، فنسأل الله اللطف في القضاء ولا نسأله رده.

مخ ۲۰۳