حاشیې الترتيب لأبي ستة

Abu Sitta Al-Mahashi d. 1088 AH
159

حاشیې الترتيب لأبي ستة

حاشية الترتيب لأبي ستة

في أحكام المياه <1/168> قوله: »الماء طهور لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته« لفظ الحديث في السؤالات: "خلق الله الماء طهورا لا ينجسه" إلخ وذلك أنه ذكر أن الجواب على ثلاثة أوجه مطابق وعام وخاص، وذكر هذا الحديث من العام حيث قال بعد كلام: "وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بئر بضاعة تلقى فيها الحيض والميتة وغير ذلك من النجاسات فقال: "خلق الله الماء طهورا" إلخ، والمراد من الماء في هذا الحديث ما كان قدر قلتين فصاعدا، ليحصل الجمع بينه وبين قوله: "إذا كان قدر قلتين لم يحتمل خبثا". فإن المفهوم منه أن ما دون القلتين يحتمل الخبث مطلقا، ومنطوقه أن قدر القلتين لا ينجس أصلا مع أنه محمول على ما إذا لم يتغير أحد أوصافه. والحاصل أنه يخص الثاني بمنطوق الأول، ويخص الأول بمفهوم المخالفة في الثاني، والله أعلم.

اختلفوا في مقدار القلتين فقيل: القلة قربتان ونصف، وقيل: خمسمائة رطل، والذي عليه أكثر أصحابنا أن القلة هي الجرة التي يحملها الخادم في العادة الجارية في استخدام العبيد بها، والله أعلم.

قوله: »لها ما ولغت في بطونها« لفظ الحديث في القواعد: "لها ما أخذت بأفواهها"، وفي بعض النسخ: (في أفواهها) ولعله هنا ضمن (ولغ) معنى (أخذ) أي لها ما أخذت في بطونها. وفي بعض النسخ "لها ما حملت في بطونها". وهي أظهر في المراد، وقد استدل بهذا الحديث من قال: إن أسآر السباع طاهرة، وأقول: إنه ليس نصا في ذلك لجواز أن يكون إنما أباح لهم ما بقي لكونه زائدا على قدر القلتين، ويرشد إلى ذلك كون المسؤول عنه الحياض فيتحد مع قوله صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى وقد سئل عن الحياض التي تكون في الفلاة وما تأويه من السباع والدواب: "إذا كان الماء قدر قلتين لم يحتمل خبثا" يعني ما لم يتغير أحد أوصافه، فلو لم تكن السباع نجسة لم يكن للتقييد بقلتين معنى فلا تعارض بين الأحاديث، والله أعلم.

مخ ۱۶۰