============================================================
إنما اغتفر في المرفوع؛ لأنه غير صالح للسقوط، ولا كذلك المنصوب والمجرور.
وليس من التنازع قول: امرؤ القيس: ولو أن ما أسعى لادنى معيشة كفاني - ولم أظلب - قليل من المال على مذهب البصريين باعتبار تأويله بذلك أو بما ذكر أو لأن في تعفق ضميرا يعود إلى الصائد وهو غير رجال وذهب الفراء إلى أنه إن استوى العاملان في طلب المرفوع وكان العطف بالواو فالعمل لهما نحو: قام وقعد أخواك. وإن اختلفا أضمرته مؤخرا وجوبا كضربني وضربت زيدا هو. وإنما أخر عن الظاهر هربا من الإضمار قبل الذكر ولم يحذف هربا من حذف الفاعل ولا يخفى ما فيه (قوله إنما افتفر في المرفوع) وجاء في هذا الباب نشرا ونظما حكى سيبويه عن بعض العرب ضربوني وضربت قومك وقال الشاعر. جفوني ولم أجف الأخلاء. لا يقال هذا لا يفيد اطراد الجواز؛ لإمكان أن يكون سماعيا والمطلوب أنه مطرد؛ لأنا نقول إذن لم يثبت في العربية حكم من الأحكام لورود ذلك في كل محل، بل الواجب حمل ما ثبت عن العرب على الاطراد ما لم يدل دليل على خلافه وهنا لم يدل شيء على خلاف ذلك. لا يقال ما تمسك به الكسائي ومن بعده يدل على خلافه؛ لأنا نقول هو بيت شعر يمكن تأويله فلا يقاوم النثر والنظم الصريحين في الإضمار قبل الذكر هذا ملخص ما ذكره بعض المحققين فليحفظ (قوله لأنه غير صالح للسقوط) لامتناع حذف العمدة فيجب إضماره لا يقال هذا لا يفيد وجوب الإضمار لامكان وجوب الاظهار وجوازه؛ لأنا نقول المقصود بهذا إثبات وجوب الإضمار بالاضافة إلى الحذف، وأما بالنسبة لجواز الإظهار فله دليل آخر وهو لزوم التكرار كما قرره شراح الكافية (قوله ولا كذلك المنصوب والمجرور) لأنهما فضلة وفي ذلك تفصيل يطلب من محله (قوله وليس من التنازع قول امرؤ القيس إلخ) لما استدل الكوفيين على أولوية إعمال الأول بقول امرؤ القيس: ولو إنما أسعى... البيت، حيث قالوا: قد توجه الفعل أعني: كفاني ولم أطلب إلى اسم واحد وهو قليل من المال، فاقتضى الأول رفعه بالفاعلية، والثاني نصبه بالمفعولية وامري القيس الذي هو من أفصح شعراء العرب أعمل الأول، فلو لم يكن إعمال الأول أولى لما اختاره إذ لا قائل بتساوي الإعمالين، أجاب الشارح من 358)
مخ ۳۵۸