الذي يظهر من الروايات أنه سبحانه قد حجب أماكن في السماوات عن أن يطأها خلق من خلقه أو يدانيها أحد من ملائكته ورسله، وقد حجب بعدة حجب، وهو سبحانه وإن لم يكن يوصف بالمكان والتمكن فقد فعل ذلك لحكمة هو العالم بها، فكان المراد من هذا الحديث أنه لو قدر وفرض على طريقة فرض المحال أنه مما يرى لكان في مكان ولو كان في مكان لكان في ذلك المكان الذي حجبه بتلك الحجب التي بين أشدها نورا وبين الشمس من التفاوت ما ذكر من المراتب، فإذا لم يمكن ملأ العين من الشمس على ضعف نورها في جنب ذلك الأشد، فكيف يمكن ملأ العين بما وراء تلك الحجب بأسرها، وفى هذا رد لتلك الروايات وتكذيب لرواتها.
ويمكن أن يكون الحكمة في حجب تلك الأماكن أن يقطع الخلق بعدم إمكان رؤيته على كل حال وإن لم يعلموا أنه غير ممكن وإن كان من جنس ما يرى، غير أن الامتناع على المذهب الحق ذاتي، وعلى هذا الفرض عرضي؛ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
* قوله (صلى الله عليه وآله): فأراه الله من نور عظمته ما أحب [ص 98 ح 8] وكان شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن الزيني رضي الله عنه وأرضاه يقول: كأن هذا آخر الحديث، وقوله: " في قوله " إلخ كلام الكليني (رحمه الله) عنوان لما بعده من الروايات الآتية، فالتقدير: في تحقيق معنى قوله تعالى: (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) روى محمد بن يحيى إلخ، فالظرف متعلق بمحذوف، ويشهد لهذا أن الصدوق (رضي الله عنه) في كتاب التوحيد (1) روى هذا الحديث بهذا السند بعينه من غير تلك الزيادة، وروى في موضع آخر من الكتاب المذكور حديثا آخر في آخره: " إن الله
مخ ۸۴