وبالجري على قانون الشريعة " استخرج غور العقل "، أي علم ما عند الجاري وما في غور عقله من درر الخير ولآلي الإيمان إلى غير ذلك مما هو من جند العقل ومن لوازمه، وبخلافه خلافه. والله سبحانه أعلم.
* قوله (عليه السلام): وكان يقول: التفكر حياة قلب البصير إلخ [ص 28 ح 34] يعني أن التفكر والتأمل في الحوادث الواردة وتمييز الحق منها عن الباطل، والخطأ من الصواب " حياة "، أي محي لقلب البصير العاقل، أي ذي البصيرة الثاقبة، وكون التفكر حياة لقلبه أنه باعث له وحامل إياه على سلوك طريق الحق وجادة الصواب سلوكا كسلوك " الماشي في الظلمات بالنور "، أي بذي النور من مشعل ونحوه مع " حسن التخلص " من تلك الظلمات، أي اجتناب العوالي والوهاد والوعر والحزن. (1) " وقلة التربص " والمكث، أي إسراع الخروج من تلك الظلمات؛ فإنه وإن كان معه نور لكنه لا يأمن بسلوك العوالي والوهاد وطول المكث أن يطفئ ذلك النور الذي معه، فيبقى حيرانا لا يدري أين يذهب، كذلك العاقل البصير إذا وردت عليه الحوادث والشبه ولم يعمل الفكر في دفعها ولم يحسن التخلص منها باجتناب طرق الضلالة والتمسك بسفن النجاة، ولم يسرع لذلك، بل تأنى بحيث يستولي الشبه على قلبه، وتستحكم اللوابس في لبه، فإنه لا يأمن بذلك أن يطفئ نور عقله ويخمد الهوى نبراس لبه.
ففي الكلام تشبيه مفرد مقيد بعدة قيود بمفرد آخر مقيد بنظائرها، والمشبه عقلي والمشبه به حسي، فإنه (عليه السلام) شبه سلوك قلب العاقل البصير في ظلمات الشبه مع احتياله في رفعها والخروج منها بسلوك الماشي في الظلمات معه نور يهتدي به ويحسن التخلص من تلك الظلمة ويقل التربص فيها، فقلب البصير نظير للماشي،
مخ ۵۳