بالطاعة ناظر إلى حيث، فإن من أقر بها عرف مأخذ الأحكام.
" فإذا فعل ذلك "، أي حصل له العرفان بما مر " كان مستدركا لما فاته " من الأحكام في زمن الجهل " وواردا على ما هو آت " منها غير مستبدل به غيره، وكان " يعرف ما هو فيه " من الأعمال " ولأي شيء هو هاهنا "، أي في دار التكليف " ومن أين يأتيه "، أي من أين يأتي ما هو آت من الحكم، أي يعرف من أين يأخذه " وإلى ما هو صائر " إليه من الثواب أو العقاب، فإنه إذا عرف الناصح وتبعه كان مصير أمره إلى خير، وإذا عرف الغاش وتبعه كان على غير ذلك، وذلك كله من تأييد الله سبحانه العقل من النور وإلا فهو بنفسه غير مستقل بكثير من الأحكام الشرعية، هذا ومن نظر بعين التأمل وجد آخر الحديث مفسرا لأوله.
* قوله (عليه السلام) لا يفلح من لا يعقل إلخ [ص 26 ح 29] أي لا يفوز بالسعادة الأبدية إلا ذو العقل لما مر. " ولا يعقل "، أي لا يصير ذو عقل (1) ينتفع به " من لا يعلم "، أي من لا يعلم أحكام الشريعة ولم يأخذها عن أهلها، " وسوف ينجب من يفهم " أي من كان ذا فهم وتفكر فإنه سيهتدي للحق، " والعلم جنة "، أي وقاية من سهام الباطل. " والصدق " في العهد " عز " فإنه إذا صدق الله ما عاهده عليه دخل في المؤمنين الأعزاء " والجهل " بأحكام الشريعة " ذل "؛ لأنه وجه به عنهم.
وقوله: " بين المرء والحكمة نعمة، العالم والجاهل شقي بينهما " لام " المرء " جنسية وكذا " الحكمة " وهي علم الشرائع، والنعمة بالفتح مثلها في (ذرنى والمكذبين أولى النعمة) (2) ولام " العالم " و " الجاهل " استغراقية، وتنكير " نعمة " للتعظيم، والمعنى أن بين الجنسين نعمة، أي تنعم ورفاهة عظيمة لو علموا بمقتضى ذلك العلم لم يفتهم ولم يغب عنهم إمامهم، ولم يمنع ذو حق حقه ولأرتفع الفساد
مخ ۵۰