لا تضبطه العقول، ولا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة، وكلت دونه الأبصار، وضل فيه تصاريف الصفات.
احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية، ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلا الله الكبير المتعال، ضلت الأوهام عن بلوغ كنهه، وذهلت العقول أن تبلغ غاية نهايته، لا يبلغه حد وهم، ولا يدركه نفاذ بصر، وهو السميع العليم، احتج على خلقه برسله، وأوضح الأمور بدلائله، وابتعث الرسل مبشرين ومنذرين؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروه، ويوحدوه بالإلهية بعد ما أضدوه.
أحمده حمدا يشفي النفوس، ويبلغ رضاه، ويؤدي شكر ما وصل إلينا، من سوابغ النعماء، وجزيل الآلاء، وجميل البلاء.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة <div>____________________
<div class="explanation"> قوله: (لا تضبطه العقول).
أي تبلغ (1) العقول إدراكه بنحو قاصر عن الإحاطة به وضبطه، فهو غير محدود و غير منضبط الحقيقة، ولكنه مصدق بوجوده منفيا عنه جميع ما يحيط به العقول والأفهام.
(ولا تبلغه الأوهام) حيث يتعالى عن أن يحس به (ولا يدركه الأبصار) حيث لا صورة له ولا مثال، ولا يتشكل بشكل، ولا يحاط بحد، ولا يتقدر بمقدار.
قوله: (احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور).
المحجوب والمستور إما بمعنى الحاجب والساتر والحجاب حاجب والستر ساتر. وإما بمعنى المفعول؛ فإن الحجاب والستر إذا لم يكن مستور الباطن ومحجوبه، (2) لم يكن حاجبا ساترا.</div>
مخ ۳۳