150

حاشیه محیي الدین زاده په قاضي بیضاوي تفسیر باندې

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

ژانرونه

للناس [البقرة: 185] أو لأنه لا ينتفع بالتأمل فيه إلا من صقل العقل واستعمله في تدبر الآيات والنظر في المعجزات وتعرف النبوات لأنه كالغذاء الصالح لحفظ الصحة، فإنه لا يجلب نفعا ما لم تكن الصحة حاصلة، وعلى هذا قوله تعالى: وننزل من القرآن ما هو وهو المراد بالمتقي الذي يتوقى العذاب المخلد بالتبري من الشرك فصار ما ذكره في الوجه الثاني في قوة أن يقال، أو لأنه لا ينتفع بالتأمل فيه إلا المتقون وهو الوجه الأول بعينه والظاهر أن هذا المعنى ليس بمراد للمصنف. بل الفرق بين الوجهين أن محصول الوجه الأول أن دلالة الكتاب وإن كانت عامة لكل ناظر من مسلم أو كافر إلا أنه نزلت دلالته في حق الكافر منزلة العدم لعدم انتفاعه، ومحصول الوجه الثاني لا نسلم أن دلالته عامة لكل ناظر وإنما هو حجة ودليل بالنسبة إلى المسلم المصدق بوحدانية الله تعالى واتصافه بجميع ما يليق بالألوهية وبصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوى النبوة وذلك إنما يكون بأن صقل عقله عما يمنعه من درك الحق والوصول إليه واستعمله في التفكر فيما نصبه الله تعالى من الدلائل الدالة على وجود وحدانيته وعظمته وكبريائه وفي النظر في المعجزات الدالة على حقية أمر نبوته عليه الصلاة والسلام وصدقه في دعوى النبوة. فمن صقل عقله على الوجه المذكور واستعمله في تحصيل العقائد الصحيحة في حق المبدأ والمعاد وتعرف دلائل النبوة يكون القرآن هدى في حقه يرشده إلى الصراط المستقيم في التدين بالأحكام وتمييز الحلال من الحرام، فالقرآن إنما يكون هدى بالنسبة إلى المتقين من الكفر وما يؤدي إليه من العذاب المخلد ينتفعون به في تحصيل سائر مراتب التقوى. وإنما قلنا إنه هدى للمتقين من الكفر خاصة لأنه كالغذاء الصالح لحفظ الصحة فإنه إنما ينتفع به بعد تحقق أصل الصحة فإنه من فسد مزاجه بالكلية لا يفيده العلاج بل يضره لأن الدواء المفيد والغذاء الصالح في نفسه يزيده مرضا لسوء مزاجه واشتداد أمراضه فإن غلبة الأخلاط الردية تحول الدواء النافع خلطا فاسدا فتجعله مددا لهلاكه كما قال تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا [الإسراء: 82] فلما كان القرآن كالغذاء الصالح لحفظ الصحة كان بحيث لا ينتفع به إلا بعد حصول الصحة للروح وهو الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر فإن الإيمان بالنسبة إلى الروح بمنزلة الصحة للجسد من حيث إصلاح الأجساد يكون بالصحة فكذا صلاح الأرواح يكون بالإيمان، والغذاء الصالح لا يجلب نفع الجسد ما لم تكن الصحة حاصلة له فكذلك الكتاب لا يجلب نفع للروح ما لم يكن الإيمان حاصلا له. قال الإمام الرازي رحمه الله: فإن قيل: كيف يكون الكتاب المذكور هدى على الإطلاق مع أن كل ما يتوقف كون القرآن حجة على صحته لا يكون القرآن هدى

مخ ۱۵۶