122

هاشيه چه تفسير بيضاوي

حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي

العاطفة وفي بعض النسخ بدونها لأنه كالتفسير لما قبله. قوله: (ولذلك إلخ) أي لأنّ العارف إنما يحق وصوله إلخ أو لأنّ العابد ينبغي أن يكون نظره إلخ فضل لما فيه من ملاحظة الحق قبل نفسه بالتقديم عليها قيل، والوجه هو الثاني لأنّ المحكيّ عن الحبيب فيه النظر إلى المعبود أوّلًا بخلاف المحكيّ عن الكليم، وأمّا من حيث الاستغراق في جناب القدس لا يظهر به وجه التفضيل بل صيغة المتكلم مع الغير في الأوّل والمتكلم وحده في الثاني توهم خلافه إلًا أن يقال شأن المستغرق تقديم ما استغرق فيه ولئن سلم، فالوجه الثاني أظهر في المقصود، ولا يخفى أنه إذا غابت نفسه عنه، وأحوالها من جملة ما تضمنه قوله نعبد كان مقتضاه أن لا يذكر ذلك فضلًا عن أن يقدّم وهذا أبلغ ولذا قدمه، وأمّا ذكر المتكلم مع الغير ثمة وهنا، هو المطابق للواقع فلا وجه لما ادّعاه، ثم إنه قيل هنا لكل وجهة فالحبيب قدّم الاسم لأنه في مقام تسكين روع الصديق بالإرشاد إلى ملاحظة الحق والاعتماد عليه والرجوع في كل مهمّ إليه، والكليم ﵇ قدّم الظرف في جواب قول قومه ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: ٦١] تنبيهًا على اختصاصه ومن تبعه بالمعية، كأنه قال: إنّ معي واتباعي ربي لا معهم فالهداية إلى طريق النجاة لي لا لهم، فإن قيل الكليم أيضا في مقام التسكين لروع قومه قيل: هو وإن كان كذلك إلأ أنه غير منظور إليه أوّلًا بل إلى ملزومه وهو اختصاصه بالمعية الموجبة للنجاة ردّ للقوم لما جزموا بلحوقهم، ثم إن تعليقه المعية باسم الذات دون الوصف، كما فعله الكليم ﵇ ما لا يخفى من علوّ شرفه في موارد النبوّة، فإنّ ما حكاه الله عن حبيبه ﵊، وان كان أفضل مما حكى عن كليمه ﷺ من الجهة المذكورة لكن الأمر بالعكس من حيث إفادة الثاني للحصر دون الأوّل قيل إنّ الحصر فيه أيضًا مستفاد من نفس النسبة لامتناع كونه مع المعاندين ناصرا لهم، فإنّ معنى قوله تعالى عنه ﴿إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: ٤٠] أنه تعالى معنا بالعصمة والمعونة، ثم إنّ في تعبيره بالحبيب والكليم دون محمد وموسى نكتة لطيفة وهي مناسية ذلك للمعية لأنّ المرء مع من أحب، واقتضاء المكالمة للاجتماع ظاهر أيضًا. قوله: (وكرّر الضمير إلخ الاحتمال تقديره مؤخرا عند الحذف، وعذم نصوصية الخطاب في الحصر وعلى تقدير تقديره مقدما وعدم اعتبار تقديره مؤخرًا أنّ التصريح بتقديمه تنصيص بخلاف نصب القرينة على تقديمه، وأيضًا يختمل تعلق الحصر بالمجموع وبالتكرار يرتفع ذلك، وفي قوله المستعان به إيماء إلى أنه يتعدى بنفسه وبالباء وأنهما بمعنى. وقوله لتوافق رؤوس الآي ظاهره أنّ القرآن فيه سجع وسيأتي ما فيه. قوله: (ويعلم إلخ) يعلم مرفوع ويجوز نصبه أيضا، ويؤيده أنه وقع في نسخة وليعلم، والوسيلة كل ما يتقرّب به يقال توسل إلى الله بوسيلة أي تقرّب إليه بعمل كذا في المصباح: وأدعى أفعل تفضيل من دعاه إلى كذا إذا حثه على قصده أي تقديم السائل على سؤاله شيئًا يرضاه المسؤول منه كهدية أو تعظيم أو ثناء، ونحوه يقتضي إجابتة، ولذا قدمت العبادة على الدعاء في الواقع. وسن الدعاء عقب الصلوات، فقدم هنا لفظ العبادة على الإستعانة ليوافق ترتيب الألفاظ ترتيب معانيها، فيرشد الترتيب الذكري للترتيب الخارجيّ، ومن خصوصية المادّة يتفطن أنه لكونه أدعى إلى الإجابة، وهذا مراد المصتف ﵀ تبعا للزمخشريّ في توجيه الترتيب، وهو جواب عن سؤال تقديره إنّ العبادة تقرّبهم لمولاهم، والاستعانة طلب الفعل المولى، فكان ينبغي تقديمه، فلم عكس ذلك، ثم إنهم قالوا قد مرّ أنّ الاستعانة المذكورة طلب المعونة في المهمات كلها، أو في أداء العبادات، وعلى الثاني العبادة مقصودة لذاتها، والإعانة وسيلة لها دون العكسى، فهذا على الوجه الأول فقط، وهو الراجح عند المصنف ﵀، فصنيعه أحسن مما في الكشاف لا يقال جائز أن يكون بعض العبادات وسيلة إلى الإعانة على البعض لأنا نقول لا اختصاص، لقوله نعبد ونستعين ببعضها لإطلاقهما، فحينئذ ينبغي أن يقال وجه تقديم العبادة أنّ الإعانة مطلوبة لتكميل العبادة بالزيادة أو الثبات، ويؤيده كون اهدنا بيانا لها، وطلب ما يزداد به الشيء، أو يدوم متأخر عنه، وإن جعلت الإعانة مطلوبة لتحصيل العبادة ابتداء، فالتقديم لأنها مقصودة بالنسبة إلى الاستعانة وعلى الأوّل إن أريد بالمهمات ما لا يتناول العبادة، لتبادره مع أنه المعروف المناسب على ما اختاره قذس سرّه فكون العبادة وسيلة إلى الإعانة ظاهر، ووجه التقديم

1 / 121