108

هاشيه چه تفسير بيضاوي

حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي

جنس الحمد على وجه الاسنحقاق الحقيقي، والأ فالعلل كثير وفيه نظر وأيضا الإشعار بالعلية لا يفيد حصر الاستحقاق فيه تعالى، وأنما يفيد حصر العلية في الوصف وقد ردّ هذا بأنّ ثبوت العلية مع عدم ظهور علة أخرى يقيد الظن بحصر العلية، وهو كاف في مثله قيل: ولاحتياح ما اختاره المصتف إلى العناية قال في الكشاف: بعد الدلالة على اختصاص الحمد به، فجعل الاستحقاق مستفادًا من اللامين، وفيما مرّ غني عنه، فإن قلت كيف يصح ذلك وله تعالى صفات ذاتية وفعلية موجبة للاستحقاق غير ما ذكر قلت أجابوا بأنّ الصفات الذاتية لا تصلح لأن تكون محمودًا عليها بالحقيقة لكونها غير اختيارية، وأما الصفات الفعلية الموجبة للحمد، فليس شيء منها خارجا عما ذكر فيما قيل وقيل: للحصر جزآن، وهذا دليل جزء منه ويدل على عدم استحقاق الغير بمفهوم المخالفة لانتفاء تلك الأوصاف فيه، وفيه أنّ ما بعده يدل على عدم اعتبار المفهوم أوّلًا. (أقول) ولا يخفى عليك أنا سواء قلنا كل من هذه الأوصاف أو المجموع علة للحمد سواء كان جنسه أو جميع إفراده، وكل منها لا يوجد في غيره تعالى لزم أن لا يوجد الحمد في أحد سوى الله المحمود في كل أفعاله وأنه لا يستحقه غيره حقيقة، وفرق بين هذه الحقيقة والحقيقة اللغوية التي يذكرها النحاة، وسائر أهل العربية واللغة، فإنها مبنية على المتعارف في التخاطب، ويسمى السبب العادي فيه فاعلًا حقيقيًا كمن يقوم به الفعل والوصف دون من أوجده، والمتكلمون والمشايخ لا يطلقون الحقيقي على غير من أوجده ولعدم الفرق بيت الفاعلى اللغوي والفاعل في نفس الأمر وبين الحقيقتين غلطوا في أمور كثيرة كما نبه عليه الأبهري في شرح العضد، وكل جميل هو فعل الله وهو الفاعل له دون من عداه فكيف يحمد غيره عليه أيحبون ًان يحمدوا بما لم يفعلوا، وهو له في الدنيا والآخرة فالحمد لله حمدًا يليق بجنابه. قوله: (وللإشعار من طريق المفهوم) معطوف على قوله للدلالة، وفي نسخة أو بدل الواو إشارة إلى أنّ كلًا منهما نكتة مستقلة، والإشعار على ما ذكره أهل اللغة قاطبة الإعلام يقال أشعرته الأمر وأشعرته به والمصنفون يستعملونه لما ليس بصريح فهو عندهم كالإيماء والإشارة وهو الذي عناه المصتف ﵀، فكأنه في اصطلاحهم من أشعر الهدي إذا جعل فيه علامة فهو استعارة مشهورة بمنزلة الحقيقة قيل: ولا يخفى أنّ مؤدّى الإشعار المذكور هو مؤدّى الدلالة السابقة فعطفه عليه ليس بظاهر، وزيادة قوله من طريق المفهوم غير مقيدة لزيادة تسوّغ العطف، فإن فيه تعليق الحكم بالأوصاف المذكورة أيضًا وما ذكر من أن ترتب الحكم إلخ وجه لإفادته انتفاء الحكم عند عدمه، ويمكن أن يقال إنه جعل الإشعار مستندا أيضا لعلة مفهوم المخالفة، وهي أن تعليق الحكم بالوصف يفيد انتفاءه عند عدمه والدلالة بوجه آخر من الدلالة وأيضاف لم يجعل متعلق الإشعار مجرّد استحقاق الغير للحمد بل عدم استحقاقه للعبادة بالطريق الأولى انتهى. وهذا الأخير هو الذي عوّل عليه بعض المتأخرين، فقال إنه ذكر للإجراء فائدتين الآولى أنّ الكلام بمنطوقه دليل على اختصاص الحمد به بواسطة إشعاره بعلية تلك الأوصاف للحكم وبالعلم الضروري بانتفائها عما سواه تعالى. والثانية أنه بمفهوم المخالفة دال على اختصاص العبادة به تعالى لأنّ من لم يتصف بها لا يليق به الحمد فعدم كونه أهلًا لأن يعبد أولى، فالأوّل تأييد لما قبله، وهذا تمهيد لما بعده، فيأخذ الكلام بعضه بحجز بعض، وسياق الكلام لا يلائمه، وتصريحه بالدلالة في الأوّل، وبالمفهوم في الثاتي ينادي على أنّ مراده أنّ الأوّل مبنى إفادته لحصر الحمد، أو استحقاقه فيه تعالى بواسطة الألف واللام ولام الاختصاص، ودلالته على انتفائه عما سواه من توابع المنطوق الملحق به والإجراء تأييد له، أو حجة وبرهان عليه وهذا مأخوذ من طريق المفهوم، فلذا جعل الأوّل دلالة وهذا إشعارا، وصرّح بأنه مفهوم لا منطوق، ودلالة فتدبر. قوله: (لا يستأهل لأن يحمد إلخ) بالهمزة والألف المبدلة منها استفعال من الأهل أي لا يستحق وشوجب وقال الحريري: إنه بهذا المعنى مولد لم يسمع من العرب والمسموع استأهل بمعنى أخذ الإهالة وهي الشحم المذاب، وليس كما زعم فقد قال الأزهري: خطأ بعضهم من يقوله، فأمّا أنا فلا أنكره، ولا أخطىء من قاله لأني سمعت أعرابيا فصيحًا من بني أسد يقول لرجل شكر عنده يدًا أولاها تستأهل أبا حازم بمحضر

1 / 107