هاشیه پر سنن ابی داؤد
حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
1415 - 1995
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
فإن قيل هذا من باب الأبدال التي تجوز عند عدم مبدلاتها كالتراب عند عدم الماء وكالصيام عند العجز عن الإعتاق والإطعام وكالعدة بالأشهر عند تعذر الأقراء ونظائره وليس هذا من باب المحظور المستباح بالفدية والفرق بينهما أن الناس مشتركون في الحاجة إلى لبس ما يسترون به عوراتهم ويقون به أرجلهم الأرض والحر والشوك ونحوه فالحاجة إلى ذلك عامة ولما احتاج إليه العموم لم يحظر عليهم ولم يكن عليهم فيه فائدة بخلاف ما يحتاج إليه لمرض أو برد فإن ذلك حاجة لعارض ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم للنساء في اللباس مطلقا بلا فدية ونهى عن النقاب والقفازين فإن المرأة لما كانت كلها عورة وهي محتاجة إلى ستر بدنها لم يكن عليها في ستر بدنها فدية وكذلك حاجة الرجال إلى السراويلات والخفاف هي عامة إذا لم يجدوا الإزار والنعال وبن عمر لما لم يبلغه حديث الرخصة مطلقا أخذ بحديث القطع وكان يأمر النساء بقطع الخفاف حتى أخبرته بعد هذا صفية زوجته عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص للنساء في ذلك فرجع عن قوله @ ومما يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في الخفين بلا قطع بعد أن منع منهما أن في حديث بن عمر المنع من لبس السراويل مطلقا ولم يبين فيه حالة من حالة وفي حديث بن عباس وجابر المتأخرين ترخيصه في لبس السراويل عند عدم الازار فدل على أن رخصة البدل لم تكن شرعت في لبس السراويل وأنها إنما شرعت وقت خطبته بها وهي متأخرة فكان الأخذ بالمتأخر أولى لأنه إنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
فمدار المسألة على ثلاث نكت إحداها أن رخصة البدلية إنما شرعت بعرفات ولم تشرع قبل
والثانية أن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع
والثالثة أن الخف المقطوع كالنعل أصل لا أنه بدل
والله أعلم فصل
وأما نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث بن عمر المرأة أن تنتقب
وأن تلبس القفازين فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه فيحرم عليها فيه ما وضع وفصل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع ولا يحرم عليها سترة بالمقنعة والجلباب ونحوهما وهذا أصح القولين
فإن النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين وجهها ويديها ومنعها من القفازين والنقاب ومعلوم أنه لا يحرم عليها ستر يديها وأنهما كبدن المحرم يحرم سترهما بالمفصل على قدرهما وهما القفازان فهكذا الوجه إنما يحرم ستره بالنقاب ونحوه وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام إلا النهي عن النقاب وهو كالنهي عن القفازين فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة القفازين إلى اليد سواء
وهذا واضح بحمد الله
وقد ثبت عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة وقالت عائشة كانت الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا ذكره أبو داود
واشتراط المجافاة عن الوجه كما ذكره القاضي وغيره ضعيف لا أصل له دليل ولا مذهبا
قال صاحب المغني ولم أر هذا الشرط يعني المجافاة عن أحمد ولا هو في الخبر مع أن الظاهر خلافه فإن الثوب المسدل لا يكاد يسلم من إصابة البشرة فلو كان هذا شرطا لبين وإنما منعت المرأة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يعد لستر الوجه قال أحمد لها أن تسدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل كأنه يقول إن النقاب من أسفل على وجهها
تم كلامه
مخ ۱۹۸