Hashiyat al-Sindi ala Sahih al-Bukhari
حاشية السندي على صحيح البخاري
ژانرونه
رقم الجزء : 1 رقم الصفحة : 5 قوله : (يقول إنما الأعمال بالنيات) قد تكلموا على هذا الحديث في أوراق فذكروا له معاني. والوجه عندي في بيان معناه أن يقال للمراد بالأعمال مطلق الأفعال الاختيارية الصادرة عن المكلفين. وهذا إما لأن الكلام في تلك الأفعال إذ لا عبرة بغيرها ولا يبحث عنها في الشرع ولا يلتفت إليها ، ولأن العمل لا يقال إلا للفعل الاختياري الصادر عن أهل العقل كما نص عليه البعض ، فلذلك لا يقال عمل البهائم كما يقال فعل البهائم ، وقد تقرر أن الفعل الاختياري يكون مسبوقا بقصد الفاعل الداعي له إليه وهو المراد بالنية ، فالمعنى أن الأفعال الاختيارية لا توجد ولا تتحقق إلا بالنية والقصد الداعي للفاعل إلى ذلك الفعل لا يقال هذه مقدمة عقلية ، فأي تعلق للشارع بذكرها لأنا نقول ذكرها الشارع تمهيدا لما بعدها من المقدمات الشرعية ، ولا يستبعد عن الشارع ذكر مقدمة عقلية إذا كان لتوضيح بعض المقدمات الشرعية ، بل لا يستبعد بدون ذلك أيضا ، ثم بين صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله : "وإنما لكل امرىء ما نوى" أن ليس للفاعل من عمله إلا نيته أي الذي يرجع إليه من العمل نفعا أو ضرا هي النية ، فإن العمل بحسبها يحسب خيرا وشرا ، ويجزي المرء بحسبها على العمل ثوابا وعقابا ، ويكون العمل تارة حسنا وتارة قبيحا بسببها ، ويتعدد الجزاء بتعددها ، ولذلك قال صلى الله تعالى عليه وسلم : "ألا أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله" ، ألا وهي القلب لا يقال يلزم من هذا المعنى أن تنقلب السيئات حسنات بحسب النية كالمباحات تنقلب حسنات بحسبها لأنا نقول لا بد في النية من كون العمل صالحا لها ضرورة أن النية الغير الصالحة لا تكون نية في العمل ولا تعتبر نية بالنظر إلى ذلك العمل ، فهي كلانية بل يقال : قصد التقرب بالسيئات يعد قصدا قبيحا ونيته تزيد العمل شرا فهي داخلة في شر النيات لا في خيرها والمرء يجزي بحسبها عقابا فهي داخلة في الحديث.
وإذا تقرر هاتان المقدمتان ترتب عليهما قوله : "فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله ،
6
أي قصدا ونية فهجرته إلى الله وإلى رسوله أي أجرا وثوابا" إلى آخر الحديث.
ولعل المتأمل في مباني الألفاظ ونظمها يشهد أن هذا المعنى هو معنى هذه الكلمات والله تعالى أعلم.
3 باب
قوله : (أول ما بدىء به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة) ، فإن قلت : كانت هذه الرؤيا قبل النبوة من مقدماتها ، وقد علم أن رؤيا الأنبياء وحي دون غيرهم فكيف عدت هذه الرؤيا وحيا قبل النبوة ، قلت : بل الرؤيا الصالحة مطلقا من أقسام الوحي كيف ، وقد سماها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جزءا من أجزاء النبوة ، فكيف إذا كان صاحب الرؤيا ممن خلق للنبوة وجعلت رؤياه تمهيدا للوحي إليه صريحا ، وقد تقرر نبيا وآدم بين الماء والطين والله تعالى أعلم.
رقم الجزء : 1 رقم الصفحة : 5
قوله : (فقال اقرأ) كأن النبيصلى الله تعالى عليه وسلم فهم من اقرأ أول الوهلة أنه أمر
7
له بالقراءة نفسها على الفور لا بتعلم القراءة كما يؤمر الصبي باقرأ ولا بها مطلقا كما هو مقتضى الأمر مطلقا وإلا لما صح رده بقوله ما أنا بقارىء.
مخ ۸