وينصرف عبد الهادي يتعجل الفطور، ويجلس العمدة إلى المأمور يبالغ في التحية ويمعن في التبجيل، والمأمور يقبل في عظمة متواضعة وفي خجل متكبر، ثم هو يقول وكأنما تذكر شيئا قد نسيه: آه لقد كنت ناسيا لقد ...
ويسارع العمدة: خير يا سعادة البك؟ - لقد نسيت أن أقول لك: الحمد لله على سلامتك. - سلمك الله وعافاك يا سعادة البك. - مم كنت تشكو يا حضرة العمدة؟ - الروماتيزم يا سعادة البك. - آه، هذا مرض ثقيل؟ - إي والله يا سعادة البك وليس أثقل منه إلا المأمور الذي كان قبل سعادتك.
ويظهر الغضب على وجه المأمور، ويثور بالعمدة ثورة جامحة: ماذا تقول يا عمدة؟ أهذا يليق؟
إذن فقد طارت حضرة مرة أخرى. - العفو يا سعادة البك، أستغفر الله. - أهذه هي الطريقة التي تتكلم بها عن رؤسائك؟ - يا سعادة البك، يا ... - ألا تعرف أن المأمور الذي كان قبلي أخي الأكبر؟
ويقول العمدة في نفسه: أنا عارف، إنه نهار أسود.
ثم يسارع إلى المأمور قائلا: من تقصد سعادتك؟ - محمد علاء الدين. - ولكن ... ولكن يا سعادة البك، أنا أقصد ... أنا أقصد الذي كان قبله ذلك الرجل الغاضب دائما، فرق كبير بينك وبينه يا سعادة البك، أما أخوك - حماه الله - لقد كان رجلا بمعنى الكلمة، والله لقد حزنا لنقله حزنا عظيما الله شهيد. - آه، أنت تقصد عبد السميع بك؟ - آه، هو هذا. - أعرفه رجل ثقيل.
وينشرح صدر العمدة، ويحمد الله في نفسه، فقد أصبح اليوم لبنا مرة أخرى، ويقول للمأمور: ثقيل؟! ثقيل فقط يا سعادة البك؟ أعوذ بالله، سعادتك تعرفه إذن؟ - أعرفه، كان رئيسا علي، أنت محق يا حضرة العمدة.
إذن فقد عادت حضرة، أهلا بها، ولكن مشكلة جديدة بسبيلها إلى الظهور، اللهم نجنا مما نخاف، ألم يجد صالح الكلب وقتا للفراخ إلا الآن، طارت حضرة، لا بل طارت الفراخ، يا أخي الفراخ في داهية، المهم الآن هو العمودية، مصيبة لو كان هذا المأمور شريفا.
ويقبل صالح في إعجاب شديد بنفسه أن أوفى بعهده وأحضر ما وعد به العمدة من فراخ سمان ... وما إن يبلغ صالح مجلس العمدة والمأمور حتى يتخفف من القفص الذي يحمله بأن يضعه في زهو أمام الجالسين ... - الفراخ يا حضرة العمدة. - أي فراخ يا ولد؟ - الفراخ التي ...
ويقاطعه العمدة في سرعة خائفة ملتاعة: اذهب الآن يا صالح، سعادة المأمور هنا، ولن أشتري فراخا في وجوده.
ناپیژندل شوی مخ