فقال نور: فأفرج عنك في الحال.
فقال الزهار: إنهم لم يقبضوا عليه.
فقال منصور: بل قبضوا علي.
فسأل النمرود: ولماذا؟
فقال الدفراوي: المباحث سمعت من البلد أنه خرج معي، وحاولت أن أعرف من هذا الذي أخبر المباحث فلم أستطع الاهتداء إليه، ولكني وراءه لن أتركه ابن الكلب، عشنا وشفنا الدفراوي يشي به الناس.
فصاح كمال: جاءك الموت يا تارك الصلاة، إنما قل لي يا أبا الرجال، كيف ستصل إلى المقروطة إذا أحببت أن تصل إليها؟
ولم يشأ منصور أن يجيب كمالا، فقد رأى أنه في هذه اللحظة بالذات أكبر من أن يجيب أي إنسان، فما الخطب إذا كان السائل كمالا؟ ولكن نورا أعجب بسؤال كمال فأعاده على النمرود، فأراد أن يسكت فألح عليه نور بالسؤال، فقال في مزاح قريب كل القرب من الجد: والله يا أولاد الكلب إذا ضاعت المقروطة لألزمن ثلاثتكم بدفع ثمنها. وضحك الجميع في فرح غامر أن منصورا يمزح، ولكن كمالا في هذه المرة لم يضحك فقد كان ملهوفا إلى سماع ما سيقوله منصور، وتكلم منصور أخيرا: طيب سأقدم تعميرة على حسابي لمن يقول بماذا ميزت مكان المقروطة.
واشتد السرور بالجماعة من هذا التبسط، وراح كل منهم يعرض ذكاءه، ولكن منصورا قال في آخر الأمر: كلكم حمير، ألم يتذكر واحد منكم أن أختي مدفونة في جبانة الزمارنة، وضعت المقروطة مع أختي، أختي الحديد مع أختي من أمي وأبي.
وانطلقت ضحكة عالية قوية من هذه المقابلة الرائعة التي افتر عنها ثغر البطل، وفي هذه المرة كانت ضحكة كمال أشد قوة وأعلى ضجيجا من ضحكاتهم جميعا، إنها تحمل الكثير عن صدره، وإنها تبدأ به عهدا جديدا، وإنها أيضا - ولو أن هذا لم يصبح ذا أهمية كبيرة - تتملق البطل القاتل.
4
ناپیژندل شوی مخ