د اصلاحي حرکتونو او په نوي اسلامي ختيځ کې د ثقافت مرکزونو په اړه محاضرې
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
ژانرونه
وفي هذه البلاد قام محمد بن عبد الوهاب بحركته الإصلاحية، وفي الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة في اليمن دعا الإمام الشوكاني - في نفس الوقت تقريبا - دعوة إصلاحية مشابهة.
والحركة الوهابية أولى الحركات الإصلاحية التي ظهرت في الدولة العثمانية، أو بمعنى أصح: بين الشعوب العربية الخاضعة للدولة العثمانية، وستتلوها حركات إصلاحية أخرى، تنبثق في أجزاء أخرى من العالم الإسلامي، بعضها مشابه للحركة الوهابية، وبعضها متأثر بها آخذ عنها، وتعدد هذه الحركات الإصلاحية وظهورها في مختلف أنحاء العالم الإسلامي في وقت واحد أو في أوقات متقاربة، وتشابهها جميعها أو معظمها في صدورها عن منبع واحد، وعملها لهدف واحد؛ دليل كاف على يقظة وعي جديد في الأمة الإسلامية، وإحساس بمدى ما وصلت إليه هذه الأمة من تأخر وفساد، والرغبة كل الرغبة في علاج هذا التأخر، وإصلاح هذا الفساد.
وظاهرة أخرى تميز هذه الحركة؛ هي ظهورها في إقليم نجد، في تلك المنطقة الصحراوية المباركة؛ حيث انبثق نور الإسلام الأول، والبيئة الصحراوية كانت دائما أصلح البيئات لظهور الدعوات الإصلاحية، وخاصة تلك التي تدعو إلى دين جديد، أو التي تقوم على أساس من الدين، فهذه البيئة تكون عادة بعيدة عن مؤثرات المدنية، وعن حياة الحضر التي أفسدها الانغماس في الترف، وسكان هذه البيئة يكونون عادة - لبساطتهم وبداوتهم - أكثر تقبلا لمثل هذه الدعوات الإصلاحية التي تدعو إلى التقشف والبساطة والجهاد والمثل العليا.
نشأ محمد بن عبد الوهاب في بلدة العيينة إحدى قرى نجد، وبدأ بالقرآن فأتم حفظه في العاشرة من عمره، ثم تتلمذ على والده الشيخ عبد الوهاب - وكان قاضيا للعيينة - فقرأ عليه الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وكان منذ طفولته وصباه شغوفا بالعلم والدراسة، لا يلهو كما يلهو الصبيان، بل يصرف وقته كله في قراءة كتب الفقه والتفسير، والحديث والعقائد، ثم بدأ الرحلة بعد ذلك؛ ليستزيد من العلم، فذهب إلى مكة وأدى فريضة الحج، ثم انتقل إلى المدينة، ثم طوف في البلاد الإسلامية المجاورة يأخذ على شيوخها وعلمائها، فزار الأحساء وأقام في البصرة نحو أربع سنوات، وفي بغداد خمس سنوات، ثم انتقل إلى كردستان وأمضى بها سنة، ثم رحل إلى بلاد فارس، فزار همذان وأصفهان حيث درس فلسفة الإشراق والتصوف، ثم زار مدينة قم، وعاد أخيرا إلى حريملة حيث كان يقيم أبوه - بعد تركه العيينة - وهناك استأنف الدراسة على أبيه، وهناك بدأ دعوته.
كان محمد بن عبد الوهاب حين وصل حريملة في نحو الخامسة أو السادسة والثلاثين من عمره، وقد تم نضجه واتسعت ثقافته، واستوعب الكثير من تجاريبه ومشاهداته أثناء رحلته، وقد بدأ دعوته بجدال أبيه وقومه، وكان موضع الجدال «الوحدانية»؛ رسالة الإسلام وفكرته الأساسية، هذه الفكرة التي تدعو إلى عبادة الله الذي لا إله إلا هو، والتي تنكر عبادة كل شيء سواه، والتي تحارب تعدد الآلهة وعبادة الأوثان والأصنام، ثم تأثر في دراسته بمذهب ابن حنبل؛ فأبوه حنبلي، وكتب هذا المذهب هي أول ما قرأ منذ طفولته الأولى، ومذهب ابن حنبل أكثر المذاهب تشددا في الرجوع إلى القرآن والسنة، وإنكار البدع المستحدثة، وقد كان محمد بن عبد الوهاب يرى في نجد أشياء كثيرة لا تتفق وهذا المذهب، ثم هو قد رأى في رحلته أشياء كثيرة أخرى بعدت بالمسلمين عن روح الإسلام الصحيحة، وعن الوحدانية السليمة التي جاء بها الإسلام.
فمعنى قولنا: «لا إله إلا الله» أن الله وحده هو خالق هذا الكون ومنظمه وفق القوانين التي وضعها، وهو وحده الواجب العبادة لا شريك له، ولكن المسلمين على عهد محمد بن عبد الوهاب قد نسوا أو تناسوا هذه العقيدة الواضحة، وراحوا يقدسون الأولياء، ويحجون إلى قبورهم، ويتمسحون بأضرحتهم، ويقدمون لهم النذور، ويستشفعون بهم لجلب منفعة أو لدفع ضر، وانتشرت هذه الأضرحة والقبور في كل مكان وفي كل مدينة من مدن العالم الإسلامي ، ولم يكتفوا بهذا، بل عادوا إلى الجاهلية الأولى فقدسوا الجماد والنبات.
وقد فصل ابن غنام - تلميذ ابن عبد الوهاب ومؤرخه - الحديث عن هذه المنكرات والبدع في كتابه
1 «روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام»، وأحصى القبور والأضرحة والأحجار والأشجار التي كان المسلمون يقبلون عليها ويعظمونها، وقدم لهذا الإحصاء بقوله: إن المسلمين قد عدلوا إلى «عبادة الأولياء والصالحين، وخلعوا ربقة التوحيد والدين، فجدوا في الاستغاثة بهم في النوازل والحوادث، والخطوب المعضلة والكوارث، وأقبلوا عليهم في طلب الحاجات، وتفريج الشدائد والكربات، من الأحياء منهم والأموات، وكثيرا ما يعتقد النفع والإضرار في الجمادات، كالأحجار والأشجار ... أحدثوا من الكفر والفجور، والإشراك بعبادة أهل القبور، وصرف الدعاء لهم من النذور،
ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون .»
ثم يضرب ابن غنام الأمثال لما كان يحدث في مدن الإسلام المختلفة، ويبدأ بنجد فيقول: إن أهلها كانوا يعكفون على «قبر زيد بن الخطاب، فيدعونه لتفريج الكرب بفصيح الخطاب، ويسألونه كشف النوب من غير ارتياب.» وفي بليدة الفدا «ذكر النخل المعروف بالفحال، يأتونه النساء والرجال، ويفعلون عنده أقبح الأفعال، وتأتيه المرأة إذا تأخرت عن الزواج، فتضمه بيديها بحضور ورجاء الانفراج، وتقول: يا فحل الفحول، أريد زوجا قبل الحول ...» «وشجرة الطرفية تشبث بها الشيطان واعتلق، فكان ينتابها للتبرك طوائف وفرق، ويعلقون فيها - إذا ولدت المرأة ذكرا - الخرق، لعلهم عن الموت يسلمون.» «وفي أسفل الدرعية غار كبير يزعمون أن الله تعالى فلقه في الجبل لامرأة تسمى بنت الأمير، أراد بعض الحكام أن يظلمها، فصاحت ودعت، فانفلق لها الغار بإذن العلي الكبير ... فكانوا يرسلون إلى ذلك الغار اللحم والخبز ويهدون، أتعبدون ما تنحتون، والله خلقكم وما تعبدون؟!»
ناپیژندل شوی مخ