أحاط الحرافيش بالعصابة، انهالوا عليهم ضربا بالعصي والطوب، فكان السعيد من هرب وفيما دون الساعة، لم يبق في الحارة إلا جموع الحرافيش وعاشور.
46
كانت معركة لم تسبق بمثيل من حيث عدد من اشترك فيها؛ فالحرافيش أكثرية ساحقة. وفجأة تجمعت الأكثرية واستولت على النبابيت فاندفعت في البيوت والدور والوكالات رجفة مزلزلة. تمزق الخيط الذي ينتظم الأشياء وأصبح كل شيء ممكنا، غير أن الفتونة رجعت إلى آل الناجي، إلى عملاق خطير، تشكل عصابته لأول مرة أكثرية أهل الحارة. ولم تقع الفوضى المتوقعة، التف الحرافيش حول فتوتهم في تفان وامتثال، وانتصب بينهم مثل البناء الشامخ، توحى نظرة عينيه بالبناء لا بالهدم والتخريب.
47
واجتمع بعاشور ليلا يونس السايس وجليل العالم. كانا واضحي القلق، وقال شيخ الحارة: المأمول ألا يقع ما يقتضي تدخل الشرطة.
فقال عاشور في استياء: كم من جرائم ارتكبت تحت بصرك وكانت تقتضي تدخل الشرطة.
فقال الرجل بلهفة: معذرة، إنك أدرى الناس بظروفنا، أود أن أذكرك أنك انتصرت بهم، ولكنك غدا ستقع تحت رحمتهم!
فقال عاشور بثقة: لن يقع أحد تحت رحمة أحد.
فقال الشيخ جليل العالم بإشفاق: لم يكبحهم في الماضي إلا التفرق والضعف!
فقال عاشور بثقة أشد: إني أعرفهم خيرا منك، عاشرتهم في الخلاء طويلا، والعدل خير دواء.
ناپیژندل شوی مخ